*الناقض الثالث : من لم يكفر المشركين ، أو شك في كفرهم ، أو صحح مذهبهم :
- القاعدة التي نقررها في هذا الباب هي : كل من اعتقد دينا غير دين الإسلام ، نحكم بكفره و بخسرانه في الآخرة ، وهذا بنص القرآن و السنة و بإجماع العلماء ...
- طيب : هل هذه القاعدة تخص الكفار الأصليين فقط ؟
يعني : هل هي تخص اليهود والنصارى فقط ؟ الجواب : لا ، هذه القاعدة عامة ، تنسحب على كل من عبد غير الله تعالى ، لأننا نقول : الله عزوجل كفر اليهود و النصارى لسبب ارتكبوه ، هذا السبب هو : أنهم اعتقدوا غير الإسلام دينا ، فمثلا : اليهود : قالوا : عزير ابن الله ، و عبدوا العجل ، و أنكروا نبوة عيسى عليه السلام و نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ، و هذا كله كفر ، و كله مناقض لدين الإسلام ، و أما النصارى : قالوا المسيح ابن الله ، و قالوا : المسيح هو الله ، و قالوا ثالث ثلاثة : يعني : أن هناك ثلاثة آلهة : الله ، عيسى ، مريم ، و كذلك :
عبدوا عيسى عليه السلام ، و غير ذلك ، و أما كفار العرب : عبدوا الأصنام و الأوثان و الصالحين و الجن و الملائكة و الشجر والحجر ، و ذبحوا لها و طافوا بها ، و طلبوا منها قضاء الحاجات ، و سألوها الشفاعة عند الله ، حينئذ نقول : الأصناف التي كفرها الله في كتابه ، كفرهم لأنهم فعلوا أشياء معينة ، طيب : نقرر قاعدة : كل من فعل أفعال الكفار الأصليين فإنه يكون كافرا مثلهم ، و هذا لا نزاع فيه بين العلماء ...
- طيب : ما حكم من ارتكب شيئا جعلته الشريعة سببا من أسباب الكفر ؟ فمثلا : كفار مكة كفرهم الله لأنهم عبدوا اللات و العزى و مناة ، كيف عبدوها ؟ عظموها و ذبحوا لها و طافوا بها و سألوها شفاء المريض ، و طلبوا منها تشفع لهم عند الله تعالى ، طيب : اليوم كثير من الناس يذهب لضريح الحسين و البدوي و يعظمه ، يذبح له ، يطوف بقبره ، يسأله شفاء المريض ، يطلب شفاعته ، أليست هذه هي نفس أفعال كفار مكة ؟ أليس الله كفرهم بسببها ؟ هل يأخذون الحكم نفسه ؟ يعني : نحكم بكفرهم لأنهم ارتكبوا نفس الأفعال التي كفر بها أهل مكة ؟ نعم ، نحكم بكفرهم ، لماذا ؟ لأنهم اعتقدوا غير الإسلام دينا ، دينهم الشرك و عبادة الوثن ، يعبدون البشر من دون الله ، لذلك نقول : الصوفية عبدة القبور كفار مشركون ، لأنهم ليسوا على دين الإسلام ، هم عبدة البشر و الصالحين ، هل نعذرهم بالجهل ؟ لا ، ما في عذر ، الشرك الأكبر لا عذر فيه ، الله سبحانه حكم بكفر أهل الفترة ، أهل الفترة لم يدركوا نبيا ، و مع ذلك هم كفار ، و الصوفية أدركوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - و أدركوا القرآن ، فكيف نعذرهم ؟! من الأحق بالعذر إذن؟ أفلا تعقلون ؟ لذلك : من امتنع عن تكفير عبدة القبور فهو مثلهم ، نحكم بكفره و ردته ، لماذا ؟ لأنه ممتنع عن تكفير المشركين ، و كونه لا يحكم بكفرهم يعني : هو ما عرف التوحيد و ما شم رائحته ، أجيبوني بربكم :
ما الفرق بين : رجل عبد اللات و العزى و سألها الشفاعة و شفاء المريض وذبح لها ، ورجل عبد الحسين ، ذبح له ، سأله الشفاعة ، طلب منه شفاء المريض ؟ هل هناك فرق ؟ لا ، هما في الحكم واحد ، ولو قلنا هناك فرق ، هل تعلمون ما هو ؟ الذي عبد اللات ما أدرك نبيا فلو كان هناك عذر لكان هو الأحق ، وأما الذي أدرك محمدا عليه الصلاة والسلام و أدرك القرآن ، كيف نسويه بهذا ؟ لاشك أنه أشد كفرا عند الله و حجة الله عليه قامت ..
- إذن : كل من أشرك بالله شركا أكبر و صرف العبادة لغير الله ، حكمه الكفر و من امتنع عن تكفيره فهو مكذب لله و يلحق به ..
- قال ابن المقري في الروضة نقلاً عن كتاب الإعلام بقواطع الإسلام :
" من لم يكفر طائفة ابن عربي كان كمن لم يكفر اليهود والنصارى " (كتاب الإعلام بقواطع الإسلام لابن حجر الهيثمي ص 379 ط دار المعرفة..
- ابن عربي هذا صوفي مشرك هو و طا ئفته ، و الهيتمي فقيه شافعي ،حكم بكفر من لم يكفر ابن عربي و من اتبعه على طريقته ...
- وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله : وفي السنن أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حكم بكفر أهل مسجد في الكوفة قال واحد إنما مسيلمة على حق فيما قال وسكت الباقون فأفتى بكفرهم جميعاً، فلا يأمن الإنسان أن يكون قد صدر منه كلمة كفر أو سمعها وسكت عليها ونحو ذلك فالحذر الحذر أيها العاقلون والتوبة التوبة أيها الغافلون فإن الفتنة حصلت في أصل الدين لا في فروعه ولا في الدنيا ." (الدرر السنية جـ27 ص127) ...
- ويقول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: "من سب الصحابة أو أحداً منهم أو اقترن بسبه دعوى أن علياً إله أو نبي أو أن جبريل غلط فلا شك في كفر هذا بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره " (الصارم المسلول ص 591 ط – دار الجيل )..
- فهذا شيخ الإسلام يحكم بكفر من قال : علي إله ، و كفر من لم يكفره ، فكيف نمتنع عن تكفير من وقع في الشرك الأكبر ؟! وكيف نمتنع عن تكفير من لم يكفره ؟ تدبروا كلام العلماء ...
- ( وقد أجمع علماء الإسلام أن من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم أو اعتقد أن نظامهم أهدى وأفضل من هدى الله ورسوله أو أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فهو كافر لعدم استسلامه وانقياده انقياداً كاملاً لله عز وجل .) ( الدرر السنية جـ 2 ص 176 ) ....
- خلاصة القول : من وقع في الشرك الأكبر كالصوفية عبدة القبور ،فإننا نحكم بكفره و كفره من لم يكفره و هذا لا خلاف فيه بين أهل العلم ، لكن الذي يختلف هم المرجئة و الجهمية وعلماء الضلال ،وفقنا الله لما يرضيه عنا ...