*الناقض الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم و يسألهم الشفاعة :
هذا هو الناقض الثاني من نواقض الإسلام و هو نوع من أنواع الشرك يسميه العلماء : شرك الوسائط ، لأن الإنسان يجعل بينه وبين الله وسيطا في الدعاء و طلب الحوائج ، و مثال ذلك : رجل ذهب للحسين أو زينب ثم وقف أمام الضريح يقول : يا حسين : اشفع لي عند الله أن يغفر ذنوبي و يجعل لي مكانا في الجنة و منزلة عنده ، يا حسين : اطلب من الله أن يشفي ابني و يرزقني بالذرية ، طيب : هذا الرجل جعل الحسين بينه و بين الله واسطة ، هو يعتقد أن الحسين يسمعه و يراه و أنه سيجيب طلبه و يخاطب الله بكل ما طلبه منه ، و عندما نقول للرجل : يا فلان : قل يارب واطلب منه كل شئ و سيجيبك ، يقول : أنا رجل عاصي و كثير الذنوب و الله لن يقبل مني الدعاء ، و الحسين ولي لله و قريب منه وحبيب له ، و الله لا يرد له طلبا ، فأنا أطلب من الحسين أن يتوسط لي عند الله في حوائجي ، و يقول : كل ملك له وزير ، و من أراد الملك لابد أن يذهب للوزير أولا ، ثم الوزير يعرض حاجته على الملك ، و هكذا : الله ملك الملوك و له وزراء و هم الأولياء و الصالحون ، يدخلون علي الله مباشرة ، و من الأدب أن أطلب من الوزير ، ثم الوزير يعرض طلبي علي ملك الملوك ، هكذا يقول هؤلاء المشركون ، قال الله فيهم : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ )يونس: 18.
- يقول الله : هؤلاء المشركون يذهبون إلى هذه الأصنام و الأوثان و الصالحين ، يذبحون لها و يعظمونها و يتقربون لها بالنذور و يطوفون بها ، ثم يسألونها أن تشفع لهم عندالله ، و أن تنقل له كل مطالبهم ، و الحق : أنها لن تفعل ذلك ، لأنها لا تسمعهم و لا تراهم و لا تشعر بهم ، فلا تملك هذه الأوثان و الأصنام أن تجلب لهم نفعا أو تمنع عنهم ضرا ، ثم يقول الله منكرا عليهم : هؤلاء المشركون يزعمون أن هذه الأصنام ستشفع لهم عندالله تعالى و هذه شفاعة باطلة ...
- ولما ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدعوة التوحيد و الإسلام ، كان أهل مكة يذبحون للأصنام و يتقربون لها بالنذور و يطوفون حولها ، و يطلبون منها أن تشفع لهم عند الله في غفران الذنوب و قضاء الحوائج ، فكفرهم رسول الله - صلى الله عليهم وسلم - وقاتلهم و استباح دمائهم و أموالهم ، و قد بين الله في كتابه بطلان ما يفعله المشركون و كفرهم بذلك ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ . إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فاطر: 13- 14 ..
- فهذا حكم الله على هؤلاء بأنهم مشركون ، و قال سبحانه : ( وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ ۖ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ ) يونس :106 ..
فمن دعا نبيا أو صالحا أو وليا أو أي مخلوق و سأله قضاء الحوائج و شفاء المريض و التوسط له عند الله ، فهذا مشرك كافر ...
- و لذلك نقول : لماذا نحكم بكفر الصوفية عبدة القبور ؟
نقول : لأنهم جعلوا بينهم وبين الله وسائط ، يسألونهم الشفاعة ، و قضاء حوائجهم و مطالبهم ، وهذا هو شرك المشركين الأولين ، فمن عبد اللات و العزى مثل من عبد الحسين وزينب بلا فرق ، و آيات الشرك و تحريمه وتكفير من فعله لا تخص أباجهل وحده ، ولا تخص ابا لهب وحده ، بل هي عامة في كل من عبد غير الله ، على كل حال نقول : هذه بيان مختصر لهذا الناقض و أظنه كافيا ، وفقكم الله لكل خير و أعانكم على فهم توحيده و العمل به ..