*الناقض الأول : الإشراك بالله في عبادته : شرك التحاكم 

- قلت إن الشرك بالله ناقض من نواقض الإسلام ، وذكرت بعض أنواعه مثل : شرك القبور و الاستغاثة بالأموات و طلب الشفاعة منهم و طلب شفاء المريض و الذبح لهم والنذر و الطواف بأضرحتهم ، و كذلك شرك الطاعة و التشريع ، أن تطيع غير الله و رسوله في التحليل و التحريم ، و من ذلك الموافقة على الدساتير و القوانين و قبول الحكم بها في أحوال الناس و شؤون العباد  ...

- و كذلك من أنواع الشرك : شرك التحاكم إلى المحاكم و القوانين ، أو إلى الأعراف و التقاليد و العادات ، و مثال ذلك :

  رجلان قامت بينهما مشاجرة فضرب أحدهما الأخر و أصابه ، فذهب المضروب إلى المحكمة و كتب شكوى ليأخذ حقه ، هذا الرجل الذي رفع خصومته إلى المحكمة القانونية وقع في الإشراك بالله ، لماذا ؟ لأنه طلب الحكم في مشكلته من جهة تحكم بغير ما أنزل الله ، و كل من طلب حكما غير حكم الله ورسوله في أمور حياته فهو مشرك بربه ، لأنه تحاكم إلى طاغوت العصر ، و طاغوت العصر هو القانون الوضعي الذي ضل بسببه أمم ...

- قال تعالى ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) يوسف :40 ، هذه آية محكمة واضحة تدل على أمرين :

1- أن الحكم لله وحده ، يعني : الذي يقضي بين الناس في كل أمور حياتهم هو الله سبحانه ، هو الذي يفصل و يحكم في كل نزاع و مشكلة و يعطي الحقوق و يرد المظالم إلى أهلها ..

2- أن طلب حكم الله في الخصومات و المشاكل عبادة لله ،لأنه قال سبحانه في نفس الآية ( أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) ،فكما نعبد الله بالسجود و الركوع و الصيام و الذكر ، نعبده بالتحاكم إليه و طلب حقوقنا من شريعته ، ولذلك نقول :

نحن نعبد الله بالسجود و الركوع و الذكر و الدعاء و التحاكم إلى شرعه و دينه ، لأن العبادة ليست هي الصلاة والصيام و الزكاة و الحج فقط ، بل العبادة تشمل طاعة الله في التشريع و التحاكم إليه في كل نزاع و مشكلة في كل شؤون الحياة ...

و أقول : رجل سجد للحسين و ذبح له ، و رجل لجأ إلى المحاكم القانونية في مشكلة و رفع قضية ليأخذ حقه ،  هل هناك فرق بينهما ؟

الجواب : لا ، لماذا ؟ لأن كل واحد منهما صرف العبادة لغير الله ، فكلاهما مشرك عبد غير الله تعالى ، السجود عبادة و طلب حكم الله عبادة ، و الرجلان صرفا العبادة لغير الله فلا تفريق ...

- وقال تعالى ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) سورة النساء65 ...

يقول الله : يا محمد : أقسم لك بنفسي الكريمة أن هؤلاء الذين معك لا إيمان لهم إلا بتحكيمك في كل شؤون حياتهم ، فكل من تحاكم إلى غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد حكم الله بكفره ، و لذلك العلماء يقولون : التحاكم إلى شريعة الرسول شرط في صحة الإيمان و الإسلام ، و الدليل هذه الآية الكريمة ..

- وقال تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) ونساء: 60 ، هذه الآية دلت على أمور :

1- أن كل من تظاهر بالإيمان ثم طلب حكم الطاغوت ، فإنه كاذب في إيمانه ، و لا يصح له إيمان ..

2- أن الله قد أمرنا ان نكفر بالطاغوت لا أن نتحاكم إليه و نلجأ إلى قوانينه و دساتيره ، و لكننا بدلنا قول الله الذي قاله لنا ، هو سبحانه قال: اكفروا بالطاغوت اي : اجتنبوا عبادته و طاعته ، و الناس يقولون سنتحاكم إليه و إلى قانونه و دستوره ، لماذا يا عباد الله ؟

يقولون : ستضيع حقوقنا و أموالنا ، و أنا أقول : والله لو ضاعت الحقوق و الأموال أهون عند الله من أن تتخذوا ربا مشرعا مطاعا غير الله ، و أهون عند الله من أن تشركوا به ،وتطلبوا حكم غيره ، ألا إن دنياكم ظلمة لا راحة لكم فيها ، فلا تبيعوا آخرتكم بدنيا زائلة فانية ، اللهم هل بلغت ؟ فاشهد ...

تم عمل هذا الموقع بواسطة