*الناقض الثالث : من لم يكفر المشركين ، أو شك في كفرهم ، أو صحح مذهبهم :
قررنا في المقال السابق ما يلي :
أن الظهور والخفاء معتبر في تنزيل قاعدة من لم يكفر المشركين ، و المعنى : ظهور الفعل : يعني الفعل نفسه معلوم بين العامة والخاصة
أنه شرك أو كفر مناقض لدين الإسلام ، و ظهور الفاعل : يعني أن حاله معلوم ، لا نجهل حاله ، لأن جهل الحال مانع من تكفير الممتنع ، وعلى ذلك : الذي يمتنع من تكفير من سجد للميت و ذبح له و سأله شفاء المريض و طلب شفاعته ، هذا يلحق به ..
- و على ما قررناه نقول : كل مسألة خفية نشترط في التكفير بها بلوغ الدليل و زوال الشبهة ، و مثال ذلك :
- امرأة تعتقد حرمة التحاكم إلى القوانين ، ولكن : ذهبت إلى محاكم الأسرة لترفع قضية طلاق ، و هي تظن أنه لا إشكال
في ذلك لأن المعتبر هناك هو التشريع الإسلامي ، فذهبت و طلبت الطلاق من خلال رفع قضية ، هذه المسألة فيها حكمان :
1- أن هذه المرأة يلحقها اسم الشرك ، يعني : وقعت في شرك أكبر ، لأن حقيقة الأمر أن الشريعة قد أقرها مجلس تشريعي طاغوتي ، و لولا موافقتهم لما كان حكم الشرع حكما في محاكم الأسرة ، و كون حكم الشريعة يعمل برأي الأغلبية هذا في حقيقته كفر ، فمتى كانت شريعة الله خاضعة لرأي الأغلبية ؟!
و لكنها تكون معذورة في الحكم ، بمعني : كون المسألة خفية هذا مانع من تكفيرها الكفر الذي يوجب العقوبة ..
2- ينبني على ذلك : لو امتنع أحد عن إلحاق اسم الشرك بها فإنه لا يدخل تحت قاعدة من لم يكفر المشركين ، لأنه كما قلنا : الخفاء و الظهور معتبر جدا في هذا الباب ...
- مثال آخر : الانتخابات و المنتخبين ...
- الأصل هو تكفير من انتخب طاغوتا يحكم بشرع الجاهلية ، و كذلك : تكفير من انتخب نائبا برلمانيا يشرع من دون الله ،و لكن من الصور الخفية التي وقعت :
- عدد كبير من الموحدين و الملتزمين يعلم حرمة الانتخاب و أنه شرك مناف للتوحيد ، و لم ينتخبوا طاغوتا أو برلمانيا في حياتهم ، لما حدثت ثورة يناير و تعهد الإخوان و السلفيون بتحكيم الشرع ، و أقسموا بالله على ذلك ، حتى تعهد معهم عدد من مشاهير الشيوخ الذين كانوا ضد نظام الطاغوت ، المشايخ كلموا هذا الناس و قالوا : الإخوان أقسموا على المصحف و ستحكم الشريعة ، وهنا حدث أمر: قالوا : نقيم مجلس نواب ثم نختار دستورا ، و سيكون الشريعة ، و تعهدوا للناس ، و أخذوا أصواتهم ، الذي انتخبهم ما حكمه ؟
أقول : هذه من الأمور الخفية لماذا ؟ المنتخب هنا موحد و محب للشريعة و لم ينتخب برلمانيا طول عمره ، ثم إنه ظن أن هذا باب لتحكيم الشريعة التي يحلم برؤيتها مطبقة على أرضه ، و مع كلام العلماء الذين أفتوا بالجواز ، ذهب فانتخب ، نقول :
هؤلاء مشركون اسما ولكن يعذرون في الحكم بالعقوبة لخفاء الأمر عليهم ، و ينبني عليه أن المتوقف فيهم لا يكفر ، لوجود شبهة الخفاء ...
- المهم أن نفهم ان الظهور و الخفاء مؤثر جدا في هذا الباب..
طيب : يبقى معنا مقال واحد نختم به هذا الناقض والله المستعان ..