مَجْمُوعُ رَسَائِلِ الإمامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ :

(4) الأُصُولُ الثَلاثةُ و أدِلَّتُها ..

قالَ الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوهَّابِ :

والدَّليلُ قولُهُ تعالى :  بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ  ( والعَصْرِ، إنَّ الإنسانَ لفي خُسْرٍ، إلاَّ الذينَ آمنُوا وعَمِلوا الصَّالحاتِ وتواصَوْا بالحقِّ وتواصوَا بالصَّبرِ) سورةُ العصرِ ،  قالَ الشَّافعيُّ : لو مَا أنزلَ اللهُ حجةً على خلقِهِ إلاَّ هذهِ السُّورَةَ لكَفَتْهُمْ  وقالَ البخاريُّ : بابٌ : العلمُ قبلَ القولِ والعملِ، والدَّليلُ قولُهُ تعالى : ( فَاعْلَمْ أنَّهُ لا إلَه إلاّ اللهُ واسْتَغْفِرْ لذَنبِكَ ) مُحَمَّد : 19 ،  فبَدأ بالعلمِ، قبلَ القولِ والعملِ .

*الــــــشَّـــرْحُ :  

  • أولاً المعنى الإجمالي : 

    الإمامُ مُحَمَّدُ ذكرَ لنَا أربعَ مسائلَ و قالَ إنَّهنَّ واجباتٌ على كلِّ مسلمٍ و مسلمةٍ ، و هي : العلمُ و العملُ و الدَّعوةُ و الصبرُ على الأذى ، و نحنُ نعلمُ أنَّ الوجوبَ حكمٌ شرعيٌ لا يُقالُ بالرأي و لا بالاجتهادِ ، لذلكَ قالَ الإمامُ هنا : و الدَّليلُ قولُهُ تعالى ثمَّ ذكرَ سورةَ العصرِ ، و هذا يعني أنَّهُ استخرجَ هذهِ المسائلَ الأربعَ من سورةِ العصرِ ..

" والعَصْرُ " الواو حرفُ قسمٍ " والعصرُ " مُقسمٌ بهِ مجرورٌ ، والعصرُ مخلوقُ، واللهُ سبحانَهُ له أنْ يُقسمَ بما شاءَ ، وإذا أقسمَ سبحانَه بالعصرِ دلَّ ذلكَ على أهمِّيتِهِ ، والقسمُ يُرادُ بهِ التَّوكيدُ على شئٍ معينٍ ، وأمَّا المخلوقُ فلا يُقسمُ إلاَّ باللهِ سبحانَهُ لأنَّ القسمَ فيهِ معنى التعظيم ..

وقد اختلفَتْ عباراتُ المفسرينَ في المرادِ بالعصرِ ، فقالَ بعضُهم : هو الدَّهرُ ، وقال آخرون : هو صلاةُ العصرِ ، وقال آخرون هو عصرُ النَّبي صلى الله عليه وسلم ، والصواب أن يُحمل على كل هذه المعاني ....

و " أل " في الإنسانِ هي التي تفيدُ التعريفَ وتدلُّ على العمومِ  لصحةِ إبدالِها بـ " كل " ، ويكونُ المرادُ بذلكَ كلَّ إنسانٍ ، وقالَ ابنُ عباسٍ : المرادُ الكُفَّارُ ، وجمهورُ المفسرينَ على أنَّ المرادَ جنسُ الإنسانِ ، فالكلُّ مخاطبٌ بهذه السورةِ وبحصولِ الخسرانِ له إلا مَنْ استثناهم اللهُ عز وجل بهذهِ الصِّفاتِ وهي : 1ـ الإيمانُ  ، 2ـ  العملُ الصالحُ , 3ـ التواصي بالحقِ أي : أوصى بعضُهم بعضًا بالمعروف و تركِ المنكرِ ، 4ـ أوصى بعضُهم بعضًا بالصبرِ ..

 وقال الشافعيُّ " لو ما أنزلَ اللهُ حجةً على خلقِهِ إلاَّ هذهِ السورةَ لكفتْهم " ، مراده : أنَّ هذهِ السورةَ كافيةٌ للخلقِ في الحثِّ على ما يبلغُهم الفلاحَ ويجنبُهم الخسرانَ، وهذهِ السورةُ من تأملَها وجدَها تجمعُ الدينَ كلهُ ..

وقالَ البخاريُّ : " بابٌ: العلم قبل القول والعمل " ، استدلَّ البخاريُّ بهذا على وجوبِ التعلمِ أولاً ثمَّ القولِ والعملِ ، والعملُ لابد أن يكونَ قائمًا على وفقِ الشريعةِ وإلا كانَ مردوداً ...  

و بهذا تنتهي المقدمة الأولى ...

  • ثانيًا : هذا الجزءُ فيهِ مسائلُ :  

*الأولى : أنَّ كلَّ قولٍ لا دليلَ عليهِ فهو مردودٌ على قائلِهِ ..ولذلكَ الإمامُ مُحَمَّدُ ذكرَ وجوبَ أربعِ مسائلَ ثمَّ ذكرَ الدَّليلَ عليها ..

*الثانيةُ : أنَّ قولَ بعضَ النَّاسِ : لا يُسألُ الشيخُ عن الدَّليلِ ، هذا قولٌ باطلٌ ، يؤدي إلى طمسِ الشريعةِ و جعلِ العالمِ طاغوتًا يُطاعُ من دونِ اللهِ ، و نحنُ نقولُ : العالمُ يُسألُ عن الدَّليلِ ولا حرجَ ..

*الثالثةُ : وجوبُ الاعتناءِ بسورةِ العصرِ لأنَّها تشتمل على نجاةِ العبادِ ..

تم عمل هذا الموقع بواسطة