مَجْمُوعُ رَسَائِلِ الإمامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ :
(3) الأُصُولُ الثَلاثةُ و أدِلَّتُها ..
-قالَ الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوهَّابِ :
اعلمْ رَحِمَكَ اللهُ أنَّهُ يَجِبُ علينَا تَعَلُّمُ أَرْبِعِ مَسَائِلَ :
*(الأولى) العلمُ وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللهِ، وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ، وَمَعْرِفَةُ دِينِ الإسْلَامِ بالأدِلَّةِ.
*(الثَّانِيَةُ) العَمَلُ بهِ.
*(الثَّالِثَةُ) الدَّعْوَةُ إليِهِ.
*(الرَّابِعَةُ) الصَّبْرُ على الأذَى فيِهِ ..
الــــــشَّـــرْحُ :
ـ المقالُ السابقُ ذكرتُ فيهِ المعنى الإجماليِّ لهذا الجزءِ ، ثمَّ قلتُ :
*الأولى : الحثُّ و التَّحْريضُ على العلمِ : وذكرتُ معنى هذهِ المسألةِ ،
و نكملُ فنقولُ :
*الثانيةُ : الرِّفقُ و اللّينُ بطالبِ العلمِ : و هذهِ مأخوذةٌ من قولِ الإمامِ ( اعلمْ رحمكَ اللهُ ) ، فهو يدعو للقاريء و المُتَعلِّمِ بالرحمةِ حتى يلينَ قلبُهُ للحقِّ و يقبلَهُ و يعملَ بهِ ، أمَّا لو كانَ في العالمِ غلظةٌ و شدَّةٌ و عبوسُ وجهٍ معَ طالبِ العلمِ ، فإنَّ ذلكَ يكونَ سببًا في نفورِ النَّاسِ عن دعوةِ الحقِّ ، فالذي يجبُ على أهلِ العلمِ أنْ يلينوا مع النَّاسِ و يبذلوا لهم العلمَ برفقٍ ولينٍ و أنْ يتحمَّلوا منهم كثرةَ السؤالِ ، و اليومَ نرى أهلَ العلمِ أشدَّ الخلقِ تكبرًا و غلظةً معَ عامَّةِ النَّاسِ ، وهذا يسببُ نفورًا من العلمِ و بُغْضًا لأهلِهِ فاللهمَّ رُحماكَ ..
*الثالثةُ : وجوبُ العملِ بالعلمِ و إلاَّ صارَ حُجةً على العبدِ ..
العمل ثمرة العلم ولهذا قال الفضيل:" لا يَزال يُقالُ للعالمِ يا جاهلٌ حتى يعملَ بما عَلِمَ "، وقال ابنُ تيمية : " العلمُ أصلُ العملِ، وصحةُ الأصولِ توجبُ صحةَ الفروعِ " ، ومرادُهُ " رحمه الله " أنَّ العلمَ هو الأساسُ الذي ينبني عليه العملُ ، وصحةُ الأصولِ أي العلمُ، توجبُ صحةَ الفروعِ أي تستلزمُ العملَ ، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ من أولِ منْ تُسَعَّرُ بهم النَّارُ يومَ القيامةِ : عالمٌ لمْ يعملْ بعلمِهِ " رواه مسلم من حديث أبي هريرة .
والعملُ ينقسمُ إلى ما هو واجبٌ كالعملِ بالواجباتِ والشروطِ والتوحيدِ ونحو ذلك ، ومنه: المستحبُ كالعملِ بالمستحباتِ،و منه العملُ المحرمُ كالعملِ بالشركياتِ أوالكبائرِ، ومنه ما هو مكروهٌ وهو العملُ بالمكروهاتِ .
" مسألة ": هل التركُ يُسمَّى عملاً ؟ كمنْ تركَ الزنا فهل يُقالُ عَمِلَ صالحًا ؟
الجوابُ: فيه تفصيلٌ إن تركَهُ امتثالاً مثل الابتعاد عن وسائل الزنا فهذا عمل صالح . وإن تركه عجزاً فلا يدخل ، وعلى ذلك فالترك مع النية الصالحة عمل،
قال تعالى : { وذروا ما بقي من الربا } ." هذهِ المسألةُ منقولةٌ من كلامِ الشيخِ الخضير " ..
" مسألة ":على من تكونُ الدعوةُ ؟
على من تعلمَ العلمَ، فمنْ كانَ جاهلاً لا يجبُ عليه الدعوةُ ولكنْ يجبُ أنْ يتعلمَ أولاً ثمَّ بعد ذلك يدعو .
الدليل على وجوب الدعوة حديث معاذ " إنك تأتي قوما أهل كتاب أول ما تدعوهم " اللام للأمر والأمر يقتضي الوجوب .
" مسألة ":لمن توجه الدعوة ؟
الجواب : تدعو الكافر والمسلم الجاهل والمخطىء والمتأول والمعاند .
*الخامسةُ : وجوبُ الصبرِ على الأذى ...
والأذى الذي يلقاهُ صاحبُ الدَّعوةِ قد يكونُ بأخذِ مالِهِ أو سجنِهِ أو قتلِهِ أو مُطاردتِهِ ، فهو أنواعٌ كثيرةٌ ، فلابُدَّ من الصبرِ و الرِّضا والثباتِ ..