مَجْمُوعُ رَسَائِلِ الإمامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ :

(17) الأُصُولُ الثَلاثةُ و أدِلَّتُها ..

-قالَ الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوهَّابِ :

وأنواعُ العبادةِ التي أمرَ اللهُ بها منها الدُّعاءُ والخوفُ والرجاءُ و التوكلُ والرغبةُ، والرهبةُ، والخشوعُ، والخشيةُ، والإنابةُ، والاستعانةُ، والاستعاذةُ، والاستغاثةُ، والذبحُ، والَّنذرُ، وغيرُ ذلكَ من أنواعِ العبادةِ التي أمرَ اللهُ بهَا ...


*الــــشَّـــرْحُ :

  • المعنى الإجمالي :

ـ قالَ الإمامُ محمَّدُ : والاستعانةُ، والاستعاذةُ ..

ـ الاستعانةُ هي طلبُ العونِ من اللهِ سبحانَهُ ، و لذلكَ فإنَّ فيها معنى الثقةِ باللهِ و اعتقادِ أنَّهُ قادرٌ على كلِّ شيءٍ بقدرتِهِ المطلقةِ التي لا يُعْجزُها شيءٌ في الأرضِ و لا في السَّماءِ ..

و قد قالَ تعالى ( إيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) الفاتحة ، فالإنسانُ لا يستطيعُ أنْ يُحَقِّقَ الغايةَ من وجودِه إلاَّ أنْ يُعينَهُ اللهُ ، فلذلكَ قرنَ العبادةَ بالاستعانةِ ، و من هُنَا نعلمُ معنى قولِهِ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ـ

( لا حولَ ولا قوةَ إلاَّ باللهِ كنزٌ من كُنُوزِ الجنَّةِ ) الحديثِ ، فالإنسانُ لا يتحوَّلُ من حالٍ إلى حالٍ إلاَّ بعونِ اللهِ له , وكذلكَ يستمدُ قوتَهُ من قوةِ ربِّهِ سبحانَه ، لأنَّ الإنسانَ لا حولَ له و لا قوةَ ..

ـ    والاستعانةُ نوعانِ :

  *الأول : الاستعانةُ بغيرِ اللهِ فيما لا يقدرُ عليهِ إلاَّ اللهُ كشفاءِ مريضٍ ، فهذِهِ صرفُهَا لغيرِهِ سبحانَهُ شركٌ أكبر ، لأنَّ الذي يفعلُ ذلكَ يعتقدُ أنَّ هناكَ ربًّا قادرًا معَ اللهِ ربِّ العالمينَ سبحانَه ..

*والثاني : الاستعانةُ بالمخلوقِ فيما يقدرُ عليهِ  ،كأنَّ تستعين بأحدٍ يبنى لكَ جدارًا فهذه جائزةٌ ، لأنها استعانة في الأمور العادية ...

أما الاستعانةُ بالمخلوقِ فى شئٍ لا يقدرُ عليهِ إلا اللهُ مثلُ جلبِ الرزقِ ودفعِ الضرِ ، فهذا لا يكونُ إلا للهِ ، وذلكَ كمن استعانَ بالأمواتِ أو الجنَّ أو الشَّياطينِ فى شئٍ لا يقدرُ على جلبِهِ أو دفعِهِ إلاَّ الربُّ سبحانَه وهذا شركٌ أكبرُ بالإجماعِ..

ـ قالَ : والإستعاذة ..

مأخوذةٌ من العَوَذِ وهو : طلبُ الحمايةِ ، فالمُستَعِيذُ مُحْتَمٍ بمن استعاذَ بهِ ومعتصمٌ بهِ ...

والاستعاذة أنواع :

  *أحدها : الاستعاذة بالله تعالى وهي المتضمنة لكمال الإفتقار إليه والاعتصام به واعتقاد كفايته وتمام حمايته من كل شئ حاضر أو مستقبل ، صغير أو كبير ، بشرًا أوغير بشر ودليلها قوله تعالى: " قل أعوذ برب الفلق"و" قل أعوذ برب الناس " .

 *والثاني : الاستعاذة بصفة من صفاته : ككلامه وعظمته وعزته ونحو ذلك ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " وقوله صلى الله عليه وسلم " وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي " وقوله في دعاء الألم " أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر "، وقوله صلى الله عليه وسلم: " أعوذ برضاك من سخطك " وقوله صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله تعالى " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم " فقال " أعوذ بوجهك " ...

*والثالث : الاستعاذة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين على العوذ ، فهذا شرك ومنه قوله تعالى " وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا"....

*الرابع : الاستعاذة بما يمكن العوذ به من البشر أو الأماكن فهذا جائز،وعند مسلم عن جابر أن امرأة من بني مخزوم سرقت فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فعاذت بأم سلمة، وكذلك من استعاذ من شر ظالم وجب إعاذته قدر الإمكان ...

تم عمل هذا الموقع بواسطة