مَجْمُوعُ رَسَائِلِ الإمامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ :
(15) الأُصُولُ الثَلاثةُ و أدِلَّتُها ..
-قالَ الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوهَّابِ :
وأنواعُ العبادةِ التي أمرَ اللهُ بها منها الدُّعاءُ والخوفُ والرجاءُ و التوكلُ والرغبةُ، والرهبةُ، والخشوعُ، والخشيةُ، والإنابةُ، والاستعانةُ، والاستعاذةُ، والاستغاثةُ، والذبحُ، والَّنذرُ، وغيرُ ذلكَ من أنواعِ العبادةِ التي أمرَ اللهُ بهَا ...
*الــــشَّـــرْحُ :
قالَ الإمامُ محمَّدُ : و الرَّغبةُ و الرهبةُ و الخشوعُ ..
*والرغبةُ هي : السؤالُ والطلبُ والإبتهالُ والتفرَّغُ، وعلى هذا ففيها نوعُ طمعٍ،وبهذا يتحققُ فيها معنى الرَّجاءُ ، لأنَّها طمعٌ فيما هو محبوبٌ للنَّفسِ ، ولهذا عدَّها العلماءُ أعلى درجاتِ الرَّجاءِ وعبَّروا عنها بما يَقتربُ من تعبيرِهِم عن الرَّجاءِ...
قالَ فى المصباحِ المنيرِ :الرَّغبةُ هي السَّعةُ ، يُقالُ رغِبَ الشئَ أي اتَّسَعَ ...
فالرَّغبةُ فى الدُّعاءِ إطالتُهُ وكثرتُهُ والسَّعةُ فيهِ ،وهذا أعلى درجاتِ الطمعِ لأنَّهُ يصاحبُهُ قوةٌ فى الطلبِ ....
*والرهبةُ : هى الفزعُ الدَّائمُ من المَخُوفِ منه ، وهى تشتملُ على شيئينِ : على خوفٍ وعملٍ ..
وقالَ بعضُهم هى : خوفٌ خاصٌّ ، لأنَّها أعلى درجاتِهِ ..
*والخُشُوعُ : مأخوذٌ من خَشَعَتِ الأرضُ إذا سكَنَتْ واطمأنَّتْ ..
وقولُهُ تعالى( ومن آياتِهِ أنَّك ترى الأرضَ خاشعةً ) الآية ، أي : ساكنةً ليسَ فيها حركةٌ...
والخشوعُ يكونُ فى القلبِ والجسمِ والصَّوتِ ، قال سبحانه ( وخشعَتْ الأصواتُ للرَّحمنٍ) الآية ، وقال تعالى ( خاشعةً أبصارُهُم ترهقُهُم ذلةٌ ) الآية ، وقالَ جلَّ وعَلا ( قد أفلحَ المؤمنونَ الذَّينَ هم فى صلاتِهِم خاشعونَ ) الآيات ..
والدليلُ على كونِ هذه الثلاثِ من العباداتِ قوله تعالى (إنَّهُم كانوا يُسَارَعُونَ في الخيراتِ ويدْعُونُنُا رغبًا ورهبًا وكانوا لنَا خاشِعينَ ) الأنبياء : 90 .. وجهُ الدلالةِ : أنَّ اللهَ امتدحَ عبادَهُ المُخلصينَ بأنَّهم يدعونَهُ رغبًا ورهبًا معَ الخشوعِ لهُ تعالى والدعاءِ ، ومَا يرضى بهِ الرَّبُ فهو عبادةٌ ولهذا كانَ حقًا خالصًا له وصرفه لغيره شرك أكبر...