مَجْمُوعُ رَسَائِلِ الإمامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ :

(14) الأُصُولُ الثَلاثةُ و أدِلَّتُها ..

-قالَ الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوهَّابِ :

وأنواعُ العبادةِ التي أمرَ اللهُ بها منها الدُّعاءُ والخوفُ والرجاءُ و التوكلُ والرغبةُ، والرهبةُ،والخشوعُ، والخشيةُ، والإنابةُ، والاستعانةُ، والاستعاذةُ، والاستغاثةُ، والذبحُ، والَّنذرُ، وغيرُ ذلكَ من أنواعِ العبادةِ التي أمرَ اللهُ بهَا ...


 *الــــشَّـــرْحُ : 

  • أولًا المعنى الإجمالي :

قالَ الإمامُ محمَّدُ : والتَّوكلُ ..

والتَّوكلُ في اللغةِ : مدارُهُ على الاعتمادِ والتفويضِ ، وفى الشَّرعِ هو  : الاعتمادُ  على اللهِ تعالى لجلبِ خيرٍ أو دفعِ شرٍ"...

وقد نصَّ الإمامُ ابنُ القيمُ على أنَّ للتوكلِ ثلاثةَ أركانٍ :

*الأول : الاعتمادُ على اللهِ تعالى .

* والثاني: الثقةُ باللهِ تعالى .

* والثالث : الأخذُ بالأسبابِ المشروعةِ،والأسبابُ التى شرعَهَا اللهُ عزوجل تنقسمُ إلى قسمينِ :

        **الأول: الأسبابِ الشرعيةِ وذلكَ مثلُ الصَّلاةِ فهي سببٌ شرعَه اللهُ عزوجل لدخولِ الجنَّةِ ، وبهذا فكلُّ العباداتِ  تدخلُ فى هذا القسمِ لأنَّها أسبابٌ موصلةٌ لرضا الربِّ جلَّ وعلا....

       **والقسمُ الثَّاني : الأسبابُ القدريةُ وهي " كلُّ ما عُلِمَ من جهةِ التجربةِ "... ومن ذلكَ استعمالُ الأدويةِ التى تُزيلُ الأمراضَ وتُذهِبُها بِناءً على ما قرّرَهُ الأطباءُمن خلال بحوثِهم وتجاربِهم ، ومثلُ ذلك لمْ يأتْ بهِ الشَّرعُ ,إنَّما علمناه من التجربة...

     حينئذٍ نقولُ " كل ُّسببٍ شرعيٍ وقدرىٍ الآخذُ بهِ مشروعٌ للعلمِ بجهةِ إيجادِهِ، إمَّا شرعًا وإمَّا قدرًا، وأمَّا ما لم يُعلم جهةُ جعلِهِ سببًا فلا يجوزُ الأخذُ بهِ " ..

ودليلُ التوكلِ قولُهُ تعالى  ( وعلى اللهِ فتوكلوا إنْ كُنْتُمْ مؤمنينَ ) المائدة : 23 ..هذا أمرٌ بالتَّوكلِ عليهِ سبحانَهُ ، وكونُهُ مأمورًا بهِ هذا دليلٌ على كونِهِ محبوبًا مرضيًا عندَ اللهِ ومَا كانَ كذلكَ صَحَّ أنْ يكونَ عبادةً..

والتوكلُ أنواعٌ متعددةٌ ، وهذه الأنواع يختلفُ حكمُها بحسبِ كلِ نوعٍ وهى كالآتي :

*النوع الأول: التوكلُ على اللهِ تعالى ،وهو واجبٌ لا يتمُّ الإيمانُ إلا بهِ  وسبقَ بيانه...

*النوع الثاني: توكُل السِّرِ، بأنْ يعتمدَ على ميتٍ فى جلبِ  منفعةٍ أو دفعِ مضرةٍ فهذا شركٌ أكبرُ لأَّنًّه لا يقُع إلا ممن يعتقدُ أنَّ لهذا الميتِ تصرفًا سريًا فى الكون ويسمون ذلك "القوة الخفية" ولا فرق بين أن يكون نبيأ أو ولياً أو طاغوتاً عدوا لله تعالى....

*النوع الثالث: التوكل على الغير فى شئ يملكه مع الشعور بعلو مرتبته وانحطاط مرتبة المتوكل، مثل أن يعتمد عليه فى حصول المعاش ونحوه وهذا نوع من الشرك الأصغر ، لقوة تعلق القلب به واعتماد عليه، وأما أن يعتمد عليه على أنه سبب قدره الله فلا بأس .

*النوع الرابع: الإعتماد  على الغير فى فعل ما يقدر  عليه على سبيل  النيابة ، وذلك بحيث ينيب غيره فى أمر  تجوز فيه النيابة فهذا لا بأس به بدلالة الكتاب والسنة والإجماع ،فقد وكل النبى صلى لله عليه وسلم عمالاً وحفاظًا على الصدقة ،ووكل فى إقامة الحدود ووكل فى الحج حين نحر الهدىَ عليٌ رضى الله عنه أن ينحر ما بقى من المئة بعدما  نحر ثلاثا وستين وأمرأن يتصدق بجلودها والإجماع على جواز ذلك معلوم .

تم عمل هذا الموقع بواسطة