مَجْمُوعُ رَسَائِلِ الإمامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ :
(12) الأُصُولُ الثَلاثةُ و أدِلَّتُها ..
-قالَ الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوهَّابِ :
وأنواعُ العبادةِ التي أمرَ اللهُ بها منها الدُّعاءُ والخوفُ والرجاءُ ..
* الــــشَّـــرْحُ :
لازالَ الإمامُ مُحمَّدُ يفسِّرُ لنا الأصلَ الأولَ من الأصولِ الثلاثةِ و هو معرفةُ الربِّ سبحانَه ، فلمَّا ذكرَ أنَّ الربَّ هو المعبودُ المطاعُ محبةً و تعظيمًا ، بدأ يذكرُ لنا العباداتِ التي أمرَ اللهُ أنْ نعبدَهُ بها , لأنَّ الإنسانَ قد يقولُ : لقد عرفتُ أنَّ اللهَ هو الربُّ المعبودُ المطاعُ ، ولكنْ : كيفَ أعبدُ اللهَ ربَّي ؟
فيكونُ الجوابُ : هناكَ عباداتٌ أمرنَا اللهُ أنْ نعبدَهُ بها , ثمَّ نذكرُ له هذهِ العباداتِ التي هي سبيلُ الوصولِ إلى اللهِ تعالى , و لذلكَ بدأ الإمامُ المجددُ يذكرها فقالَ :
ـ الدُّعاءُ :
يأتي في الشرعِ بمعنيينِ :
*الأولِ : دعاءُ العبادةِ : أنْ تتقربَ إلى اللهِ بفعلِ طاعتِهِ وتركِ معصيتِهِ ، ترجو بذلكَ الثوابَ و الأجرَ من اللهِ ،فكأنَّكَ تقولُ : يا ربِّ سأصلي لكَ و أصومُ لكَ و أذكرُكَ ، أطلبُ بذلكَ رضاكَ و الجنةَ و أهربُ بهِ من سخطِكَ و النَّارِ ..
*والثاني : دعاءُ المسألةُ : أن تسألَ اللهَ شفاءَ المريضِ و سعةَ الرزقِ و الصحةَ و البركةَ و كلَ ما تحتاجُ إاليهِ ، و الدعاءُ بهذا المعنى هو العبادةُ كلُّها ، و لذلكَ قال ـ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ ( الدُّعاءُ هو العبادةُ ) الحديث ،، و قالَ اللهُ سبحانَه ( وقالَ ربُّكمُ ادْعُونِي أسْسَجِبْ لَكُمْ ) غافر: 60 ، فأمرَ اللهُ بالدعاءِ و سمَّاهُ رسولُهُ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ عبادةً ، حينئذٍ نقولُ : الدعاءُ عبادةٌ تُصرَفُ للهِ وحدَهُ ، فمَنْ صرفَهُ لغيرِ اللهِ فهو مشركٌ كافرٌ ، لأنَّهُ عبدَ غيرَ اللهِ ..
و الدَّليلُ قولُهُ تعالى ( وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إلهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فإنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إنَّهُ لا يُفْلِحُ الكَافِروُنَ ) المؤمنونَ : 117 ، سَمَّاهُم كافرينَ لأنَّهُمْ دَعوا معَ اللهِ تعالى غيرَهُ .
إذن : جمعوا بين الشِّركِ والكفرِ ، وهذا دليلٌ على أنَّ مَنْ دَعَا الأولياءَ و الصالحينَ و الأنبياءَ مشركٌ كافرٌ و هو إجماعٌ ...
*الأولى : أنَّ الشريعةً بَيَنَتْ و وضَّحَتْ كيفَ نعبدُ اللهَ تعالى ..
*الثانية : أنَّ الدعاءَ عبادةٌ اختصًّ اللهَ بها نفسه ..
*الثالثةُ : أنَّ صرفَهُ لغيرِ اللهِ شركٌ أكبرٌ ...