* أقسام الإكراه :

العلماء يقسمون الإكراه إلى قسمين :

 (1) الإكراه الملجئ :

 و هو الذي ينتفي معه الرضا و الاختيار ، بمعنى : انتفاء الطمأنينة و المحبة و القبول ، بل يجد الشخص في نفسه كرها و ضيقا و عدم قبول له ، و كذلك يكون غير مختار ،يعني : يكون فعله وتركه متعلقا بشئ واحد ، و مثاله : لو قيل لفلان من الناس اسجد لهذا الصنم ، و إلا قتلناك ، فلا يجد الشخص أمامه إلا أن يسجد أو يقتل ، فيسجد للصنم وهو كاره و يتمنى أن يعافيه الله من ذلك ، و لا يجد مفرا من السجود إلا القتل ، فانحصر أمره في فعل وترك شئ واحد ،أن يسجد للصنم أو لا يسجد و يقتلوه ، لكن : لو انحصر فعله وتركه في أمرين فلا يكون هذا إكراها حقيقيا ملجئا و مثاله : لو قيل له اسجد للصنم أو نطردك خارج البلاد أو نقتلك ، هذا أمامه الاختيار ، له أن يختار الخروج من بلده ،وينجو من الكفر و القتل ، فانحصر فعله وتركه في أمرين : الخروج من بلده ، أو السجود للصنم ، بخلاف من ينحصر فعله وتركه في السجود أو ترك السجود و القتل ، هذه صورة الإكراه الملجئ الذي يكون عذرا في وقوع الكفر ..

 قال العلماء يجب أن يكون الإكراه الذي يجوز له أن يتلفظ معه بكلمة الكفر أن يعذب بعذاب لا طاقة له به مثل التخويف بالقتل والضرب الشديد , والايلامات القوية مثل التحريق بالنار ونحوه . 

يقول ابن الجوزي في زاد المسير ج4 ص140: " فصل الإِكراه على كلمة الكفر يبيح النطق بها : و في الإِكراه المبيح لذلك عن أحمد روايتان :

 إحداهما : أنه يخاف على نفسه أو على بعض أعضائه التلف إِن لم يفعل ما أُمر به .

والثانية : أن التخويف لا يكون إِكراها حتى يُنَال بعذاب . وإِذ ثبت جواز «التَّقِيَة» فالأفضل ألاَّ يفعل ، نص عليه أحمد ."

ومعني ذلك : أن الإكراه الذي يكون رخصة و عذرا هو الذي يؤدي إلى تلف النفس أو جزء منها ...

قال الكاساني في بدائع الصنائع جزء 6 - صفحة 186 :" وأما النوع الذي هو مرخص فهو إجراء كلمة الكفر على اللسان مع اطمئنان القلب بالإيمان إذا كان الإكراه تاما ." انتهى بتصرف ..

معنى ذلك : أن الإكراه الذي يكون عذرا هو التام أي الملجئ ،وهو ما ينتفي معه الرضا التام و الاختيار التام مثل عمار بن ياسر ...

ثم قال الكاساني في نفس الموضع : "هذا إذا كان الإكراه تاما فإن كان ناقصا من الحبس والقيد والضرب الذي لا يخاف منه تلف النفس والعضو لا يرخص له أصلا ويحكم بكفره وإن قال : كان قلبي مطمئنا بالإيمان فلا يصدق في الحكم ." انتهي ..

والمعني : أن مجرد الحبس والضرب الذي لا يؤدي لتلف النفس أو جزء منها ، هذا ليس إكراها مبيحا للكفر ، بل يكفر الشخص إن كان الإكراه لا يفضي بقتله أو تلف جسده أو عضو منه ، فالسجن لا يبيح الكفر و لا الضرب ...

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن أحمد قد نص ّ في غير موضع أن الإكراه على الكفر لايكون إلا بالتعذيب من ضرب ٍ وقيد ولايكون الكلام إكراها" (الدفاع عن أهل السنة والاتباع) لحمد بن عتيق صـ 32، و (مجموعة التوحيد) صـ 419 ضمن الرسالة الثانية عشرة لحمد بن عتيق أيضا.

قال القرطبي في تفسير آية الإكراه :" أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل أنه لا يأثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان ولا تبين منه زوجته ولا يحكم عليه بحكم الكفر هذا قول مالك والكوفيين و الشافعي ".

إذن الإكراه الذي يبيح الكفر هو الملجئ و هو الذي ينتفي معه الرضا والاختيار و هذا يكون بالقتل او الضرب المفضي لتلف الجسد ، هذا هو النوع الاول من الإكراه .

تم عمل هذا الموقع بواسطة