قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ [آية : 6].
*أولا : المعنى الإجمالي :
يقول الله في معنى الآيات : إن اليهود والنصارى و المشركين من عبدة الأوثان و الأصنام لهم جهنم هي مصيرهم و دار مقامهم ،يخلدون فيها أبدا، لأنهم شر الخليقة،
فقد كفروا برسولي و اختلفوا عليه.
*ثانيا : غريب لغة القرءان:
-خالدين فيها : يعني : ماكثين فيها مكوثا طويلا، لأن الخلود هو طول المكث، و الخلود لا يدل على التأبيد إلا بقرينة، كأن يقترن لفظ الخلود بلفظ « أبدا » كما في قوله تعالى: ﴿إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [النساء: 169] ، و على ذلك نقول:
إن استدلال الخوارج على كفر مرتكب الكبيرة وخلوده في النار أبدا بقوله تعالى ﴿وَمَنيَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فيها﴾[النساء:93]، استدلالٌ باطل، لأنه قوله تعالى: ﴿خَالِدًا فيها﴾ لا يدل على الخلود المؤبد في النار، بل يدل على طول المكث، و هذا بإجماع أهل اللغة، فإننا لا نعرف عن العرب أو من أحاط بلسانهم، أن لفظ « الخلود » يدل على التأبيد إلا بقرائن و أدلة، لكن الخلود في حق اليهود والنصارى و المشركين هو خلود مؤبد بالكتاب والسنة و الإجماع و اللغة و العقل والفطرة فتنبهوا !
- البرية : الخليقة، فهم شر خلق الله تعالى، لكفرهم به وبرسله.
*ثالثا : الإعراب :
نذكر مسألة واحدة في الآية وهي :
قوله تعالى: ﴿ فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾ فكلمة « جَهَنَّمَ » وقعت مضافا إليه، و المضاف إليه حقه الجر بكسرة ظاهرة أو مقدرة، فكيف جاءت « جَهَنَّمَ » مضافا إليه و علامة جرها الفتحة ؟
و الجواب :
لأن كلمة « جَهَنَّمَ » اجتمع فيها أمران :
*العلمية : فهي علم على دار العذاب والشقاء.
*التأنيث : فهي مؤنث لفظي.
و قيل : بل العلمية و العجمة، و كل ذلك صحيح ، فهي علم مؤنث أعجمي.
- وهنا مسألة : وهل في القرءان كلام أعجمي ؟ هذه المسألة محل نزاع بين العلماء، فمنهم من جوز ذلك ومنهم من منعه، وكل فريق له وجهة نظره.