قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [آية : 5].
*أولا : المعنى الإجمالي :
يقول الله في معنى الآيات: و لقد أمرت اليهود والنصارى بشيء بسيط واضح، أن يعبدوني وحدي لا يشركون بي شيئا، و أن يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة، و هذا الشيء جاء به محمد رسولي وعبدي، فلم يختلفون معه؟ ولم يكذبونه؟ فإن الأصول واحدة و إن اختلفت الشرائع .
و هذه الآية تقرر حقيقة وهي :
أنه لم يكن هناك سبب يدعو اليهود والنصارى إلى تكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأنه جاءهم بمثل ما معهم، لا يختلف عن دعوة موسى و عيسي عليهما السلام، فدين الأنبياء واحد و هو عبادة الله وحده، و ترك الإشراك بالله .
*ثانيا : غريب لغة القرءان:
- ليعبدوا : العبادة هي التذلل لله بفعل ما أمر وترك ما نهى محبة له وتعظيما، و لفظ العبادة يدور في اللغة حول معاني التذلل و المحبة و الخضوع .
- مخلصين له : الإخلاص هو تخليص العمل من حظوظ النفس، بأن يقصد به إرضاء الله وحده والتقرب له، وهذا عزيز في البشر و لا يحققه إلا قلة وفقها الله .
- الدين : يراد به في الآية العمل، ولكنه مشترك معنوي، يعني : لفظ يحمل معاني كثيرة .
- حنفاء : الحنيف هو الموحد الذي يجتنب الشرك، و الحنفاء قلة في الأمم و إمامهم خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام .
- دين القيمة : الدين المستقيم الذي لا اعوجاج فيه .
*ثالثا : الإعراب :
- قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ﴾.
هذه الجملة فيها مسألة وهي :
أنها مبدوءة بحرف نفي وهو « ما » ثم جاءت بعدها « إلا » و هي حرف استثناء، و القاعدة عندنا معاشر النحاة :
أن اجتماع حرف النفي مع « إلا» يبطل عملها إعرابيا، لكنه ينشئ عملا معنويا و هو القصر والحصر وهو نوع من أنواع التوكيد في أعلى صيغه اللغوية، فهذه قاعدة مهمة تفيد في فهم المعاني، و قد ورد على مثل ذلك كثير من الآيات كقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:56]، وهذا في القرءان كثير...