(8) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيَّةِ :
ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : و الحرفُ : ما لا يَصلُحُ مَعَهُ دليلُ الاسمِ ولا دليلُ الفعلِ
*الــــــــــــشَّــرْحُ :
الحرفُ هو القسمُ الثالثُ من أقسامِ الكلامِ عندَ النَّحاةِ ، و قدْ قالَ الشيخُ ابنُ آجُرُّومَ : و حرفٌ جاءَ لمعنى ، هذا قالَهُ عندَ ذكرِهِ لأقسامِ الكلامِ ..
ـ و الحروفُ في العربيةِ الفصحى نوعانِ :
- أحدُهُما : حروفُ المباني : يعني : الحروفُ التي ينبني منها الكلامُ و يتكونُ ، مثلُ : زيد ، فهذهِ الكلمةُ تكونَتْ من ثلاثةِ أحرفٍ ، و حروفُ المباني هي حروفُ الأبجديةِ العربيةِ التي تكلمتُ عنها في المقالِ الأوَّلِ وهي : ابجد هوَّز حُطّي كلَمُن سَعْفَص قُرِشَت ثَخَدٌ ضَظَغ ، و هي ثمانيةٌ و عشرونَ حرفاً ، و قد زادَ سيبويهِ حرف الهمزةِ ( أ ) فصارَتْ تسعةً و عشرين حرفاً ..
- و الثاني : أي : النَّوعُ الثاني من الحروفِ و هو : حروفُ المعاني ، وهي المرادةُ معنا في مقالنا هذا ، و حروفُ المعاني هي حروفٌ يظهرُ معناها إذا دخلًتْ في جملةٍ ، أمَّا بمفردها فلا تفيدُ شيئاً ، ومثالُها : بِعْتُ الْبَيْتَ بِأثَاثِهِ ، فالباءُ في قولنا : بأثاثِهِ ، بمعنى : معَ ، و التقديرُ : بِعْتُ البيتَ معَ أثاثِهِ ، و هذا المعنى لحرفِ الباءِ لم يكنْ ليظهرَ معناهُ إلاَّ بوجودِهِ هكذا مركّباً في جملةٍ ،أما كونُهُ منفرداً فلا .. و مثالُ ذلكَ في كتابِ اللهِ قولُهُ تعالى : " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" طه : 5 ، فإنّ حرفَ الجَرِّ ( على ) يُفيدُ الاستعلاءَ ، فيكونُ معنى الآيةِ : الرحمنُ علا و ارتفعَ فوقَ عرشِهِ ، و العرشُ هو سريرُ ملكِهِ سبحانَهُ ، و هو أوَّلُ مخلوقٍ خلقَهُ اللهُ ، و قد تنازعَ العلماءُ في أوَّلِ المخلوقاتِ فقيلَ : العرشُ و قيلَ القلمُ و قيلَ الماءُ ، و الأصحُّ أنَّهُ عرشُ الرحمن ..
ـ و قد ذكرَ الإمامُ علامةَ الحرفِ فقالَ : ما لا يَصلُحُ مَعَهُ دليلُ الاسمِ ولا دليلُ الفعلِ ، يعني : أنَّ علامةَ الحرفِ عدميةٌ ، فلا يقبلُ علاماتِ الأسماءِ و لا الأفعالِ ..
ـ و حروفُ المعاني ثلاثةُ أقسامٍ :
1ـ قسمٌ يختصُّ بالأسماءِ : مثلُ حروفِ الجرِّ ، فإنَّ حروفَ الجرِّ لا تدخلُ إلاَّ على الأسماءِ ، فنقولُ : مرَرْتُ بزيدٍ
2ـ قسمٌ يختصُّ بالأفعالِ : مثلُ حروفِ الجزمِ ،فإنَّها لا تدخلُ إلاَّ على الأفعالِ ، كقولِهِ تعالى : " لمْ يلدْ و لم يولَدْ " سورةُ الإخلاصِ
3ـ و قسمٌ مشتركٌ : يدخل على الأسماءِ و الأفعالِ ، مثل : هل ، فإنَّنا نقولُ : هل جاءَ زيدٌ ، و هل زيدٌ عندكَ ..