هذه المسألة تتعلق بقواعد الإملاء وبالرسم العربي لكلمات المعجم المُستعمَلة في الكتابة، أذكُر فيها قولًا وجيزًا ولا أتطرَّق للدقائق ؛ ليسهل الانتفاع بها.
1- هل الهمزة حرف مُستقِلٌّ بنفسه أم لا؟ قولان للنحاة، ويصعب الترجيح بينهما؛ الخليل والمُبرِّد والفراء على أنها ليست حرفًا مُستقِلًّا بنفسه، وإنما الألف عندهم له صورتان: ألف ليِّنة؛ وهي الحرف الساكن الذي لا يَقبَل أيَّ حركة إعرابية، نحو: قال ومال وزال، الألف في هذه الكلمات ساكن ليِّن لا يتحمل أيَّ حركة، والنوع الثاني: الألف المُتحرِّكة؛ وصورته هكذا: (أ)، هذا نحن نسميه الهمزة، أو الألف المهموز، وبهذا ليس هناك حرف نسميه الهمزة، بل هي الألف التي لها صورتان، وهذا قول الخليل وطائفة من النحاة، والقول الثاني: الهمزة حرف مُستقِل بنفسه، وصورتها هكذا: (ء)، هذه تشبه رأس العين تقريبًا، هذا قول سيبويه وطائفة من النحاة، وأي القولين أرجح؟
أقول: هذه مسألة يَصعُب الترجيح فيها؛ لأن كِلا المذهبين له وَجاهته وقوته، وكذلك لا يترتب عليها كبير فائدة، يعني: مسألة نظرية، لكن يترتب على هذا الخلاف ثمرة، وهي: عدد حروف العربية الفصحى، مَن قال بمذهب الخليل وأن الهمزة ليست حرفًا مُستقِلًّا، فالحروف عنده ثمانية وعشرون حرفًا، ومَن قال بأن الهمزة حرف مُستقِل بنفسه - وهو مذهب سيبويه، وإليه أميل - فالحروف عنده تسعة وعشرون حرفًا، هذه أول فائدة تأتي معنا.
2- الهمزة ليس لها رسم خاص عند العلماء، بل تُوضَع على حرف من حروف ثلاثة، وهي: الألف، والياء، والواو، وهذه حروف ساكنة كما نعلم، ونُسمِّيها حروف المَدِّ، والحروف المُعتَلَّة.
3- في لهجة الحِجازيين لا يُظهرون الهمزة غالبًا؛ ولذلك لما صلَّى الإمام الكسائي؛ شيخ نحاة الكوفة، أقول: لما صلَّى بأهل الحجاز في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان يَنطِق بالهمزة في الكلمات المهموزة، أنكرُوا عليه وقالوا: أتَنبِر (يعني: تَهمِز) في مسجد رسول الله؟! فكانوا يَستقبِحون النطق بالهَمْز؛ وهذه قراءة التسهيل كما تعلمون.
أكتفي بهذا، ولنا تكملة؛ حتى نُحيط بتصور مُجمَل عن أحكام الهمزة.