(7) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيَّةِ :

ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : والفعلُ يُعرَفُ بقد، والسِّين، وسَوف،وتاء التأنيث الساكنة ..  


  *الــــــــــــشَّــرْحُ :

ـ هذا بابُ العلاماتِ التي نستدلُّ بها على فِعْليةِ الكلمةِ ، و قد ذكرَ الإمامُ أربعَ علاماتٍ ، إذا وجَدْنا علامةً منها نقول : هذهِ فعلٌ ، و هذهِ العلاماتُ هي : قَدْ ، و الِّسِّينِ ، و سَوْفَ ، وتاءُ التأنيثِ السَّاكنةِ ..

1ـ قَدْ : وهيَ حرفٌ مُشتركٌ بينَ الفعلِ الماضي والفعلِ المضارعِ ، يعني تدخلُ على الفعلِ الماضي فتقولُ :  (قَدْ قَامَ زَيْدٌ) ، (قَامَ) فعلٌ ماضٍ، فإذا وجدْتَ (قد) فاحكمْ على أنَّ ما بعدها فعلٌ ، لكنْ يُحْتَمَلُ أنَّه فعلٌ ماضٍ ويُحْتَمَلُ أنَّه فعلٌ مضارعٌ ، فإذا دخلَتْ على الفعلِ الماضي أفادَتْ أحدَ المَعْنيينِ : إمَّا التَّحقيقَ وإمَّا التقريبَ , التحقيقُ كقوله تعالى: " قَدْ أفْلَحَ الْمُؤْمِنُونً " المؤمنونَ : 1 ، دلَّتْ على أنَّ ما بعدَ (قد) مُحَقَّقٌ، يعني واقعٌ سيقعُ حتمًا، و نقولُ في إعرابِها :

   ( قَدْ ): حرفٌ مبنيٌ على السُّكونِ لا محلَّ له من الإعرابِ ، ( أفلحَ ) : فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الفتحِ لا محلَّ له من الإعرابِ ، المؤمنونَ : فاعلٌ مرفوعٌ و علامةُ رفعِهِ الواو لأنَّهُ جمعُ مذكرٍ سالمٌ ، و التقديرُ : حقًا أفلحَ المؤمنونَ .. والتقريبُ كقولكَ : (قَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ) وهي بعدُ لم تَغْرُبْ ، أو قولُ المقيمِ للصلاةِ : ( قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ ) والصَّلاةُ لم تَقُمْ بَعْدُ ، و المعنى : قَرُبَ قيامُ الصَّلاةِ ..

   و أمَّا إذا دخلَتْ على الفعلِ المضارعِ فإنَّها تفيدُ أحدَ المعنيينِ : إمَّا التقليلَ وإمَّا التكثيرَ، التقليلُ يعني :  كونُ ما بعدَ (قد) قليلٌ، مثل ماذا ؟ (قَدْ يَصْدُقُ الْكَذُوبُ) يعني : كثيرُ الكذبِ ، ولكنَّه قد يَزِلُّ لسانُه فَيَصْدُقَ ، و تقولُ :  ( قَدْ يَجُودُ البخيلُ ) البخيلُ لا يجودُ لكنَّه قد يجودُ ،و التقديرُ : قلَّما يَصْدقُ الكذوبُ ، و قلَّما يجودُ البخيلُ ..

و أمَّا التكثيرُ : فمنه قولُهم :  ( قَدْ يَجُودُ الْكَرِيمُ ) للتكثير، ( قَدْ يَفْعَلُ التَّقِيُّ الْخَيْرَ )للتكثيرِ ..

2ـ والسِّينُ وسَوْفَ : أي سينُ الاستقبالِ ، والمرادُ بالاستقبالِ :

 " الدِّلالةُ على تأخيرِ زمنِ الفعلِ من الحالِ إلى الاستقبالِ " ، بمعنى : أنَّ قولَ المُتَكَلِّمِ  :( زَيْدٌ يُصَلِّي ) (يُصَلِّي) عندَ جمهورِ النُّحاةِ  يدلُّ على معنى وهو الصلاةُ ، ويدلُّ على زمنٍ ، ماهو هذا الزمنُ ؟ الحالُ والاستقبالُ ،  فهو يَحتملُ النَّوعينِ ، (زيدٌ يصلِّي) يعني : يُصلي الآنَ ،  أو أنَّهُ من صفاتِهِ أنَّهُ يُصلي ، فإذا أردْتَّ أنْ تدلَ على أنَّهُ لا يُصلي الآنَ وإنَّما سيُصلي في المستقبلِ تقولُ : (زَيْدٌ سَيُصَلِّي)، إذنْ أخَرْتَها، أخرْتَ ماذا ؟أخرْتَ دلالةَ الفعلِ (يُصلي) من زمنِ الحالِ إلى الزمنِ المستقبلِ ، لكنَّه زمنٌ قريبٌ وليسَ بزمنٍ بعيدٍ ، و هذا بخلافِ (سوف)، (سوف) فإنَّها تدلُّ على الزمنِ البعيدِ في المستقبلِ ،  تقولُ :  (زيدٌ سَوْفَ يُصلي ) تأتى بسوف ،(سَوْفَ يُصَلِّي) ، إذنْ : كلا الحرفينِ يدلُّ على أنَّ الفعلَ لم يقع الآنَ، وإنَّما يقعُ في المستقبلِ ، (زيد سيصلي)، (زيد سوف يصلي) ، ما الفرقُ بينهما ؟ نقولُ : الفرقُ في الزمنيةِ فقط ، السِّينُ للمستقبلِ القريبِ و سوفَ للمستقبلِ البعيدِ .. و مثالُ السينِ وسوفَ من كتابِ اللهِ قولُهُ تعالى : " سيقولُ السُّفهاءُ من النَّاسِ " البقرة : 142 ، فـ ( السينُ ) حرفٌ استقبالٍ مبنيٌ على الفتحِ لا محل له من الإعرابِ ، ( يقولُ ) فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجردهِ من ناصبٍ و جازمٍ ، و فاعلُهُ ( السُّفهاءُ ) ...

و قولُهُ تعالى : " سوفَ نُصليهم نارًا " النٍّساء : 56 ، و كذلكَ سوفَ حرفُ استقبالٍ مبنيٌ على الفتحِ لا محل له من الإعرابِ ..

3ـ تاءُ التأنيثِ السَّاكنةِ :وهي تخصُّ الفعلَ الماضي ، يعني لا تدخلُ على فعلِ الأمرِ ولا الفعلِ المضارعِ ، و تاءُ التَّأنيثِ تدلُّ على تأنيثِ ما أُسْنِدَ إليهِ الفعلُ،( قَالَتْ عَائِشَةُ ): (قالَتْ) أين لحِقَتْ التاءُ هنا ؟ الأخيرَ، إذن تتصل بالأخيرِ، هذهِ التاءُ تفيدُ وتدلُّ على أنَّ ما أُسْنِدَ إليهِ الفعلُ مؤنث، ولذلك نقولُ :
(تاءُ التأنيثِ ) يعني : التاءُ الدالةُ على تأنيثِ ما بعدها ، يعني : ( قالَتْ عائشةُ ) أم المؤمنين ـ رضي الله تعالى عنهاـ  (عائشة ) هذا مؤنث ،
 وهنا لمّا كانَ الفاعلُ مؤنثًا لحقَتْ التاءُ الفعلَ ، فـ (قالتْ) نقول هذا فعل ، لماذا قلنا هو فعلٌ ؟ لاتصالِ تاءِ التأنيثِ الساكنةِ بهِ ، ودلَّتْ على ماذا ؟ دلَّت على أنَّ الفاعلَ مؤنثٌ، وكذلك تقولُ :  (ضُرِبَتْ هِنْدٌ) هذا مغير الصيغة لما لم يُسمَّ فاعلُهُ ، فنائبُ الفاعلِ هنا مؤنثٌ ، و قولُهُ تعالى : " وكانَتْ من القانتينَ " التحريم ، (كانَتْ) ناقصةٌ ناسخةٌ و اسمها الضمير المستترُ : هي ، إذن : قد يكونُ الفعلُ مبنيًا للمعلومِ أو مُغَيَّرَ الصيغةِ ، وقد يكونُ اسمَ كانَ ...
و (تاءُ التأنيثِ) نقولُ الساكنةُ , لأنَّ تاءَ التأنيثِ على نوعينِ : تكونُ متحركةً وتكونُ ساكنةً ، متحركةً مثلُ ماذا ؟هي التي تكونُ من خصائصِ الأسماءِ ، (عائشة ) هذه التاءُ تاءُ التأنيثِ المتحركةُ المربوطة ، والمراد هنا تاءُ التأنيثِ المفتوحةُ ، (تَكْتُبُ) (تْ ) حينئذٍ نقولُ : هذهِ أربعُ علاماتٍ تدلُّ على فِعْليةِ الكلمةِ ، ثم هي على ثلاثةِ أقسامٍ : مشتركةٍ كـ (قد) ، ومختصةٍ كـ (السين وسوف) تدخلُ على المضارعِ ،  و (تاء التأنيث الساكنة) مختصةٌ وتدخلُ على الفعلِ الماضي ،و لم يذكرْعلامةَ فعلِ الأمرِ لأنَّه كوفيٌ، ويرى أنَّ فعلَ الأمرِ مقتطعٌ من المضارعِ كما سيأتي.

تم عمل هذا الموقع بواسطة