(29) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيّةِ :

ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : فالنَّواصبُ عَشَرَة :

وهي: أَنْ، ولَنْ، وإذنْ، وكَيْ، ولام كي، ولام الجُحُود، وحتى ،والجواب بالفاء والواو وأو.


*الـــــشّـــــرْحُ :

ذَكَرْتُ النواصِبَ التي تنصِبُ بنفسِهَا وهي : أنْ و لنْ و إذنْ و كيْ ، ثمَّ بَدَأتُ في ذكْرِ ما يَنْصِبُ بـ ( أنْ ) مُضمرَةٍ , و انْتَهَيْتُ من : لامِ كَيْ و لامِ الجُحُودِ ..

ـ قالَ هُنَا في المَتْنِ : وحتَّى ..

   على مَذْهَبِ ابْنِ آجُرُّومَ صَاحِبُ المَتْنِ أنَّهَا ناصِبَةٌ بنفسِهَا، قالَ تعالى : (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْنَا مُوسَى) طه : 91 , (يَرْجِعَ) فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بـ (حتّى) عندَ الكوفيينَ ، والصَّحيحُ أنَّه منصوبٌ بـ (أنْ) مضمرةٍ وجوبًا بعدَ حتَّى، لماذا؟ لأنَّ (حَتَّى) حَرْفَ جَرٍ تَجُرُّ ما بعدَهَا, فلا تكونُ ناصبةً بنفسِهَا، حينئذٍ يكونُ الفعلُ منصوبًا بـ (أنْ) مضمرةٍ وجوبًا بعدَ )حتّى) و  قولُهُ تعالى : ( حَتَّى تُؤْمِنُواْ باللهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة : 4 ، فـ ( تؤْمِنُواْ ) فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بـ ( أنْ ) مضمرةٍ وجوبًا بعدَ ( حتّى ) و ( واو ) الجماعةِ ضميرٌ متصلٌ مبنيٌ في محلِّ رفعِ فاعلٍ ..

ـ ثمَّ قالَ هنا : والجوابُ بالفاءِ ...

       هذهِ فاءُ السَبَبِيَةِ ، و هي فاءٌ تدلُّ على السببِ ، يعني : أنَّ ما قبلَها سببٌ في وجودِ مَا بعدَها ، و يُشتَرَطُ أنْ يسبِقَها نفيٌ مثلُ ( ما النافيةِ ، لا النافيةِ ، ليسَ ، لنْ ) أو يسبقَهَا طلبٌ مثلُ ( الأمرُ ، والنّهيُّ , الاستفهَامُ ، النّفيُّ ، الترجي )و مثالُ ذلكَ : قولُهُ تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ) فاطر : 36 ، فقولُهُ سبحانَهُ ( فَيَمُوتُوا ) هذهِ الفاءُ للسببيةِ ، لماذا ؟ لأنَّها مسبوقةٌ بلا النافيةِ ، و لأنَّ ما قبلَها سببٌ لما بعدَهَا ، فعدمُ القضاءُ عليهم سببٌ في عدمِ موتهم ، حتّى يذوقوا العذابَ دومًا و يستمرَّ الألمُ بهم ، ولذلكَ نقولُ : ( فَيَمُوتُوا ) الفاءُ للسببيةِ و ( يَمُوتُوا) فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بـ ( أنْ ) المضمرةِ وجوبًا بعدَ فاءِ السببيةِ ، و علامةُ نصبِهِ حذفُ النّونِ و ( واو ) الجماعةِ ضميرٌ مبنيٌ على السكونِ في محلِّ رفعِ فاعلٍ ..

و قولُنَا : اجْتَهدْ فَتَنْجَحَ ، فـ ( اجْتَهِدْ ) طلبٌ بفعلِ الاجتهادِ ، و هو سببٌ لما بعدَ الفاءِ في ( فتنجَحَ ) أي : أنَّ الاجتهادَ سببٌ للنجاحِ ، و نقولُ في ذلكَ : فتنجحَ : الفاءُ للسببيةِ و ( تنجحَ ) فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بـ ( أنْ ) مضمرةٍ وجوبًا بعدَ فاءِ السببيةِ و علامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظارهرةُ ..

و قولُ الشَّاعرِ :

يَا نَاقُ سِيْرِي عَنَقًا فَسِيْحَا *** إلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيْحَا

هذا البيتُ قاله الفضلُ بنُ قدامةَ في مدحِ الخليفةِ سليمانَ بن عبدِ الملكِ ، و المعنى : يا ناقتي عجِّلي بالسيرِ حتّى نصلَ إلى سليمانَ فنستريحَ عندَهُ ، فالشاعرُ بدأ البيتَ بالطلبِ لذلكَ جاء الفعلُ المضارعُ منصوبًا بعدَ فاءِ السببيةِ ، و نقولُ في الإعرابِ : (فَنَسْتَرِيْحَا ) الفاءُ للَسببيةِ، ونَسْتَريحَا فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بـ(أنْ) مضمرةٍ وجوبًا بعد الفاءِ وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظاهرةُ على آخرِهِ ، و الألفُ لإطلاقِ الرويِّ وهذهِ مسألةٌ عروضيةٌ ...

تم عمل هذا الموقع بواسطة