(26) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيّةِ :

ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : فالنَّواصبُ عَشَرَة :

وهي: أَنْ، ولَنْ، وإذنْ، وكَيْ، ولام كي، ولام الجُحُود، وحتى ،والجواب  بالفاء والواو وأو.


*الـــــشّـــــرْحُ :

ـ هذِهِ نواصبُ الفعلِ المضارعِ وهي عشَرَةٌ ، و هي على قسمينِ :

  •  الأوَّلِ : ما ينصِبُ بنفسِهِ وهو : أنْ ، و لنْ ،وكي ،و إذنْ ، وهذا عندَ عامَّةِ النُّحاةِ ، يعني البصريينَ و الكوفيينَ لا نزاعَ في ذلكَ عندهم ..
  •  الثَّاني : ما ينصِبُ بـ ( أنْ ) المُضْمَرةِ ،و هو باقي النَّواصبِ العشرةِ ،يعني : لا تنصبُ بنفسِها، بل تنصبُ بأنْ المضمرةِ ، و هذا عندَ البصريينَ و سببُ ذلكَ أنَّ هذِهِ النواصبِ ليسَتْ مُختصَّةً بالنَّصبِ ، فمثلًا ( حتَّى ) هذِهِ حرفُ جرٍ ، و ( الفاءُ ) تأتي عاطفةً ، إذنْ : لها عملٌ خلافَ النَّصبِ ،يعني : ليسَتْ مختصَّةً بعملِ النَّصبِ ، والقاعدةُ عندنا : الحرفُ لا يَعملُ إلاَّ إذا اختصَّ ، و لذلكَ ( هل ) التي تدلُّ على الاستفهامِ لا تعملُ عملًا إعرابيًا ، لماذا ؟ نقولُ : لأنَّها ليسَتْ مختصَّةً ، فيَصِحُّ دخولُها على الاسمِ و الفعلِ بخلافِ ( لم ) الجازمةِ ، و منه قولُهم :  هلْ قامَ زيدٌ ، و هل زيدٌ قائمٌ ، إذنْ : دخلَتْ على الاسمِ و الفعلِ ، فَلمْ نختصًّ بواحدٍ منهما ، هلْ عملَتْ إعرابيًا ؟ الجوابُ : لا, لماذا ؟ لأنَّها ليسَتْ مختصًّةَ ، وهذا يعني أنَّ اعتبارَ هذهِ الحروفِ نواصبَ مُحَالٌ عند البصريينَ و هو الصَّوابُ ، لذلكَ نقولُ : هذهِ الأحرفُ السِّتَّةُ تنصبُ بـ( أنْ ) المُضمرةِ وهذا يأتي معنا في محلِّهِ ..

 ـ والذي جرى عليهِ ابنُ آجُرُّومَ أنَّ كلَّ النواصبِ تعملُ بنفسِها ، لذلكَ عدَّها واحدةً تلوَ الأخرى بلا تفريقٍ ، وهذا لأنَه كوفيُّ النزعةِ و المَشْربِ ، و كما قلتُ الصَّوابُ هو قولُ البصريينَ و أنَها تنصبُ بـ ( أنْ ) المُضمرةِ ..

ـ قالَ هنا في المتنِ :   فالنَّواصبُ عَشَرَة : وهي : أَنْ ...الخ ..

(أنْ) هذهِ هي المَصْدَريةُ ، وهيَ أمُّ البَابِ , و معنى أنّها أمَّ البابِ أي : لها من الخصائصِ ما ليسَ لغيرِها من النَّواصبِ, و منْ ذلكَ أنَّها تنصبُ بنفسِها ظاهرةً و مُضمرةً و تُؤولُ معَ الفعلِ بمصدرٍ و يجوزُ حذفُها و غيرُ ذلكَ من الأحكامِ التي لم يُشَارِكْها فيها غيرُها ..  

حينئذٍ إذا وقعَ الفعلُ المُضارعُ بعدَ (أنْ) المَصدريةِ حَكَمْنا عليهِ بأنَّه منصوبٌ بـ (أنْ ) , وهيَ حرفُ مصدرٍ ونصبٍ واستقبالٍ , حرفُ مصدرٍ لأنُّها تُؤولُ معَ ما بعدها بمصدرٍ أي : باسمٍ صريحِ ، و مثالُهُ : يَسُرُّني أنْ أراكَ ، أي : رؤيَتُكَ ، فـ ( أنْ ) و الفعلُ ( أَرَى ) فَسَّرْنَاهُمَا باسمٍ أي مصدرٍ ..  

وحرفُ نصبٍ لأنَّها تنصبُ الفعلَ المضارعَ، وحرفُ استقبالٍ لأنَّها مثلُ السِّينِ وسوفَ, السِّينُ وسوفَ ماذا تصنعُ معَ الفعلِ المضارعِ ؟ تدلُّ على تأخيرِ زمنِهِ ، كذلكَ ( أنْ ) تدلُّ على تأخيرِ زمنِ الفعلِ المضارعِ ، فقولُهُ تعالى : ( يريدُ اللهُ أنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ) النَّساء : 28 ، (أنْ) حرفُ مصدرٍ و نصبٍ و استقبالٍ ، ( يُخَفِّفَ ) فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بـ (أنْ ) و علامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظاهرةُ على آخرِهِ ، و الفاعلُ ضميرٌ مستترٌ جوازًا تقديرُهُ : هو ، عائدٌ على الاسمِ العظيمِ ( اللهُ ) ، و قولُهُ تعالى : ( وَ مَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إلاَّ أنْ يُؤمِنُواْ باللهِ العزيزِ الحَمِيدِ ) البروج : 8 ، ( أنْ ) سبقَ القولُ فيها ، ( يُؤمِنُواْ ) فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بـ ( أنْ ) و علامةُ نصبِهِ حذفُ النَّونِ ، لماذا ؟ لأنَّهُ مُسنَدٌ إلى واو الجماعةِ ، يعني : من الأفعالِ الخمسةِ ، و واو الجماعةِ ضميرٌ متصلٌ مبنيٌ في محلِّ رفعِ فاعلٍ ، إذنْ : هذا ما يتعلَّقُ بـ ( أنْ ) النّاصبةِ باختصارٍ ..

تم عمل هذا الموقع بواسطة