(23) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيّةِ :
ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : فالماضي مَفْتوحُ الآخِرِ أبدًا ..
*الــــــــــشَّرحُ :
ـ قلتُ: إنَّ قولَ ابنِ آجُرُّومَ (فالماضي مَفْتوحُ الآخِرِ أبدًا) هذا قولُ نُحاةِ الكوفةِ و من وافقهم من نُحاةِ البصرةِ ، لكنْ نحنُ جَرَيْنا على ما استقرَّ عليهِ المتأخرونَ ، وقد انتهيتُ من الحالةِ الأولى من أحوالِ بناءِ الماضي ، و نُكملُ فنقولُ :
ـ الحالةُ الثانيةُ : البناءُ على الضمَّ ..
إذا اتَّصلَتْ بهِ واو الجَمَاعَةِ كـ (ضَرَبُوا) فهو مبنيٌ على الضمِّ ، نقولُ : فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الضمِّ و واو الجماعةِ ضميرٌ مبنيٌ على السّكونِ
في محلِّ رفعِ فاعلٍ ، هذا على ما جرَيْنا عليهِ من مذهبِ المتأخرينِ ، أمّا على مذهبِ ابنِ آجُرُّومَ و عامَّةُ القدماءِ فإنَّه يكونُ مبنيًا على الفتحِ المُقدَّرِ ،(الزَّيْدُونَ ضَرَبُوا) (ضَرَبُوا) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الفتحِ المُقَدِّرِ، منعَ من ظهورِهِ اشتغالُ المَحَلِّ بحركةِ المناسبةِ ، وهي الضَمَّةُ لأنَّ الواو لا يناسبُها إلاّ ضمُّ ما قبلَها ، وهذهِ علةٌ صوتيةٌ نبَّهْتُ عليها كثيرًا ، و الواو في ( ضَرَبوا ) هي واو الجماعةِ الفاعلينِ ، و نقولُ في إعرابِها : ضميرٌ مبنيٌ على السُّكونِ في محلِّ رفعِ فاعلٍ ..
ـ لكنْ أُنَبِّهُ على شيءٍ وهو : نحنُ نُعْرِبُ على ما اشتهرَ لسببينِ :
*الأول : موافقةً للأغلبيةِ حتى لا نفتحَ بابًا للنَّزاعِ ، لأنَّ كثيرًا من النَّاسِ لم يَطَّلعْ على الخلافاتِ بينِ النَّحاةِ ، فلذلكَ يُنْكِرونَ ذلكَ ، و قدْ هاجَمَني أستاذٌ متخصِّصٌ ( دكتور) بكليةِ دار العلومِ حينما ذكرْتُ أنَّ الماضيَ الأصلُ فيهِ البناءُ على الفتحِ ، و أنَّ المعتمدَ حاليًا هو مذهبِ جماعةِ النُّحاةِ المتأخرينَ كابنِ هشامٍ صاحبِ القطرِ , فنحنُ نمشي مع العامّةِ دفعًا للخلافِ و الأمرُ يسيرٌ بإذن اللهِ ..
*و الثاني : أنَّ موافقةَ المتأخرينَ هو الأسهلُ و الأيسرُ ،وطلبُ السهولةِ معتبرٌ جدًا ..
ـ الحالةُ الثالثةُ : البناءُ على السُّكونِ ...
إذا اتَّصلَ بهِ ضميرُ رفعٍ متحركٍ فإنَّهُ يكونُ مبنيًا على السُّكونِ ، و ضمائرُ الرَّفْعِ المتحركةِ هي : تاءُ الفاعلِ ، نا الفاعلينَ ، نونُ الإناثِ ...
ـ فأمَّا تاءُ الفاعلِ فلها ثلاثُ صورٍ :
** الأولى : تُ ، و تدلُّ على المتكلمِّ ،وهيَ ضميرٌ مبنيٌ على الضمِّ ، و مثالُها : قولُهُ تعالى ( يقولُ أهلكْتُ مالًا لُبَدا ) البلد : 6 فـ ( أهلكْتُ ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ لى السُّكونِ ، و التاءُ ضميرٌ مبنيٌ على الضمِّ في محلِّ رفعِ فاعلٍ ..
**و الثانيةُ : تَ ، وتدلُّ على المُخاطبِ المُذَّكر ، و مثالها : قولُهُ تعالى ( صِراطَ الذَّينَ أنْعَمْتَ عليهم ) الفاتحة : 7 ، فـ ( أنْعَمْتَ ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على السُّكونِ ، و التاءُ ضميرٌ مبنيٌ على الفتحِ في محلِّ رفعِ فاعلٍ ..
** والثالثةُ : تِ ، وتدلَّ على المخاطبةِ المؤنثةِ ، و مثالُها : قولُهُ تعالى ( يومَ نقولُ لجهنَّمَ هلِ امْتَلأْتِ ) ق : 30 ، فـ ( امْتَلأْتِ ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على السُّكونِ ، و التاءُ ضميرٌ مبنيٌ على الكسرِ في محلِّ رفعِ فاعلٍ ..
ـ و أشيرُ هنا إلى نوعٍ من الكتابةِ الخاطئةِ يقعُ فيهِ كثيرونَ :
عندما تخاطبُ امرأةً لا تقلْ لها : أنتي ، هذا غلطٌ ، و الصوابُ : أنتِ ...
ـ وأمَّا ( نا ) الفاعلينَ فمثالُها : قولُهُ تعالى : ( ووضَعْنَا عنكَ وِزْرَكَ ) الشِّرح : 2، فـ ( وَضَعْنَا ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على السُّكونِ ، ونا الفاعلينَ ضميرٌ مبنيٌ على السَّكونِ في محلِّ رفعِ فاعلٍ ..
ـ و أمَّا نونُ الإناثِ فمثل قولهِ تعالى ( فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ ) يوسف : 31 ، فـ ( رأينه ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على السُّكونِ ، ونونُ الإناثِ ضميرٌ مبنيٌ على الفتحِ في محلِّ رفعِ فاعلٍ ، هذا ما يتعلَّقُ بأحوالِ الماضي مختصرًا ...