(22) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيّةِ :
ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : فالماضي مَفْتوحُ الآخِرِ أبدًا ..
*الــــــــــشَّرحُ :
ـ هنا يَذْكُرُ أحكامَ هذِهِ الأفعالِ الثَّلاثَةِ مِنْ جِهَةِ الإعْرَابِ والبِنَاءِ ..
قالَ : ( فالمَاضِي مَفتوحُ الآخِرِأبدًا ) لِمَ قالَ الأَخِرِ؟ نقولُ : لأنَّهُ مَحَلُّ ظُهُورِ حركةِ البِناءِ, (قامَ) الفتحُ أينَ ظهرَ؟ في الحرفِ الأخيرِ ، (ضَرَبَ) أينَ ظهرَ الفتحُ ؟ في آخرِ الكلمةِ , يعني : مُطلقًا بدونِ استثناء،
أي: مبنيٌ على فتحِ آخرِهِ ، ثمَّ هذا الفتحُ قد يكونُ ظاهرًا وقد يكونُ مقدرًا، و قد سبقَ وتكلمْنا عن الإعرابِ الظَّاهرِ و المُقدَّرِ ..
إذنْ: هذا الشِّطْرُ اشتملَ على أمرينِ : الأوّلِ : أنَّ المَاضيَ مبنيٌ , و الثاني : أنَّهُ مبنيٌ على الفتحِ، لكنْ كونُهُ مبنيًا على الفتحِ دومًا هذا مذهبُ نُحَاةِ الكوفةِ ،وابْنُ آجرُّومَ قيلَ كوفيٌ أو يميلُ إليهم كثيرًا ،و لهذا وافقَ مذهبَهم , فالمَاضِي مبنيٌ على الفتحِ في كُلِّ أحوالِهِ عندَهم ، سواءٌ كانَ صحيحَ الآخِرِ أوْ مُعْتَلًا أوْ اتَّصَلَ بتاءِ الفاعلِ أو ضمائرِ الرَّفْعِ المُتًحركةِ ..
ـ والمُتَقَدِّمونَ من نُحاةِ البصْرةِ وافقوا نُحَاةَ الكُوفَةِ في كونِ المَاضِي مَبنيًا على الفتحِ في كلِّ أحوالِهِ ،لكنْ جاءَ المتأخرونَ من النَّحاةِ كابنِ هشامٍ صاحبِ قطرِ النَّدى و قسَّموا المَاضِي أقسامًا و جعلوا منه المبنيَّ على الفتحِ و المبنيَّ على الضَمِّ و المبنيَّ على السُّكونِ ، وهذا هو المشهورُ وعليهِ العملُ ..
ـ و نمشي مع المُتأخرينَ من النُّحاةِ فنقولُ :
*أولاً : بناءُ المَاضِي على الفتحِ ..
يُبنى الفعلُ المَاضي على الفتحِ في أحوالٍ :
1ـ إذا لمْ يَتَّصِلْ بآخرِهِ شئٌ :
و مثالُهُ :
+ قولُهُ تعالى ( رضيَ اللهُ عنهُمْ وَرَضُوا عنهُ ) البينة : 8 ، فـ ( رضيَ ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الفتحِ لأنَّه لم يتصلْ بآخرِهِ شيء،و الاسمُ العظيمُ ( اللهُ ) فاعلٌ مرفوعٌ و علامةُ رفعِهِ الضمَّةُ الظاهرةُ ،و ( عنهُمْ ) عَنْ : حرفُ جرٍّ و هُمْ : ضميرٌ الغائبِ مبنيٌ على السُّكونِ في محلِّ جرِّ بـ عَنْ ..
+و قولُهُ تعالى ( ما أغْنى عنْه مالُهُ و ما كسبَ ) المسد : 2 ، فـ (أغْنى ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الفتحِ المقدِّرِ على الألفِ منعَ من ظهورِهِ التَّعذرُ ..
+وقولُهُ تعالى ( عفا اللهُ عنْكَ لمَ أذِنْتَ لهم ) التوبة : 43 ، ( عفا ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الفتح المقدَّرِ على الألفِ للتعذرِ، إذنْ : يُبْنى على الفتحِ الظاهرِ و المقدَّرِ كما بالشّواهدِ القرأنيةِ ...
2ـ إذا اتَّصلَتْ بهِ ألفُ الاثنينِ:
و مثالُهُ :
(الزَّيْدَانِ ضَرَبَا عَمْرًا)، (ضَرَبَا) نقولُ هذا فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الفتحِ الظاهرِ، هذا الصَّحِيحُ وهو قولُ جمهورِ النَّحاةِ ، والألفُ هذهِ فاعٌل ، إذنْ: الفتحةُ التي هي قبلَ الألفِ هذهِ فتحُ بناءٍ، وهو ظاهرٌ لا مُقَدَّرٌ ، لأنَّ البعضَ جعلَهُ مُقدَّرًا ،و هذا غلطٌ غيرُ مقبولٍ ، الفتحُ هنا ظاهرٌ ..
وردَ على ذلكَ قولُهُ تعالى ( و طَفِقا يخصِفانِ عليهما منْ ورقِ الجنَّةِ ) الأعراف : 22 ،فـ ( طَفِقَا ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الفتحِ الظَّاهرِ ، و ألفُ الاثنينِ فاعلٌ نقولُ فيهِ : ضميرٌ مبنيٌ على السكونِ في محلِّ رفعِ فاعلٍ ..
3ـ إذا اتصلتْ بهِ تاءُ التأنيثِ السَّاكنةِ :
ومثالُهُ :
قولُهُ تعالى ( تَبَّتْ يَدا أبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) آية : 1 ، فـ ( تَبَّتْ ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الفتحِ و التاءُ للتأنيثِ ، ( يدا ) فاعلٌ مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الألفُ لأنَّهُ مثنَّى ، و النّونُ حُذِفَتْ للإضافةِ ، هذا ما يتعلَّقُ بالبناءِ على الفتحِ ..