(21) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيّةِ :

ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ :  بابٌ: الأفعال:

 الأفعالُ ثلاثة: ماضٍ ، ومُضارعٌ، وأمرٌ، نحو: ضَرَبَ ، ويَضرِبُ ، واضرِبْ.


*الشَّــــــــــــــــــرْحُ :

ـ المَقَالاتُ التي سَبَقَتْ وهي عِشْرونَ مقالاً ، كانَتْ تتعلَّقُ بشرحِ و تبيينِ ما نسمَّيهِ عندنا ( المُقَدِّماتُ النَّحويةُ ) ، وهي مُقَدِّماتٌ أساسيةٌ تأصيليةٌ ، مَنْ تعثَّرَ فيها و لم يَتَمَكَّنْ من  فهمِها ، هذا لنْ يشمَّ رائحةَ النَّحوِ ، إذنْ لابُدَّ من ماذا ؟ نقولُ : من إدامةِ النَّظَرِ فيها و إدراكِ ما اشتمَلتْ عليهِ إدراكاً جازمًا ، لأنَّها الأصلُ و الأساسُ و البُنْيانُ ، حينئذٍ نقولُ :  كلُّ ما سبقَ هو مُقَدِّماتٌ أساسيةٌ ينبني عليها ما يأتي من المسائلِ و القواعدِ فتنبهوا ..

ـ هنا قال ابنُ آجُرُّومَ : بابٌ : الأفعالُ ..

      و الأفعالُ جمعُ فعلٍ ، والفِعْلُ عند النُّحاةِ : " كلمةٌ تدلُّ على حدثٍ وزمنٍ بأصلِ الوضعِ " ، نقولُ : ضَرَبَ ، هذا فعلٌ ماضٍ ، دلَّ على شيئينِ :  

حدثٍ وهو الضَرْبُ ، و زمنٍ وهو زمنُ ما قبلَ التَّكَلُّمِ ، وهكذا كلُّ كلمةٍ تدلُّ على هذينِ الشيئينِ نقولُ : هذهِ فعلٌ ، ثمَّ يتحدَّدُ نوعُ الفعلِ باعتبارِ زمنِهِ أي وقتِهِ ..

ـ هنا قلْنا : بأصلِ الوضعِ ، وهذا احترازٌ و قَيْدٌ لازمٌ ، لأنَّه عندنا في لغةِ العربِ كلماتٌ هي أفعالٌ ، لكنَّها لا زمنَ لها ، خَرَجَتْ عن الأصلِ ، مثلُ : نِعْمَ و بِئْسَ ، هل تدلانِ على الزمنِ ؟ الجوابُ : لا ، إذنْ كيفَ نقولُ أفعالٌ ؟ لأنَّها تقبلُ تاءَ التأنيثِ السَّاكنةِ ، نقولُ : نِعْمَتْ المرأةُ هندٌ ، و بِئْسَتْ المرأةُ حمَّالةَ الحطبِ ، حينئذٍ هما فعلانِ ، لكنْ لا وجودَ للزمنِ فيهما ، فقولُنا : بأصلِ الوضعِ يعني : أنَّ الأصلَ في الفعلِ هو الدِّلالةُ على الزمنِ ، احترازًا ممَّا خرجَ عن الأصلِ كـ نِعْمَ و بِئْسَ و غيرهما ...

ـ ثمَّ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : الأفعالُ ثلاثة: ماضٍ ، ومُضارعٌ، وأمرٌ، نحو:   ضَرَبَ ، ويَضرِبُ ، واضرِبْ.

*الشَّــــــــــــــــــرْحُ :

هنا قَسَّمَ الفعلَ باعتبارِ الزَّمنِ ثلاثةَ أقسامٍ :

 فقالَ : ماضٍ : ومعنى مُضِيُّهُ أنَّهُ وقعَ وانقطعَ ، هذا هو الأصلُ ،  نقول : الماضي: "ما دلّ على حدثٍ وقعَ في الزَّمانِ الذي قبلَ زمنِ التَّكلُّمِ " هذا هو الفعلُ الماضي ، ولذلك سُمَّيَ ماضيًا، وعلامَتُهُ  قبولُ تاءِ التأنيثِ الساكنةِ ، نقولُ :  (قامَ زيدٌ) (قامَ) هذا فعل ماضٍ دلَّ على حدثٍ وقعَ قبلِ زمنِ التكلمِ ، هل نحكمُ عليِهِ بأنَّه انقطعَ ؟ الجوابُ : نعم , لأنَّ قيامَ زيدٍ قد انتهى بالزَّمنِ الماضي، ولذلك قالوا: هذه علةُ تَسْمِيتِهِ ماضيًا ..

ـ قالَ : ومضارعٌ : هذا القِسْمُ الثَّاني وهو : " ما دلَّ على حدثٍ وقعَ في زمنِ التَّكلُّمِ أو بَعْدَه " ،  ( يقومُ زيدٌ ) هنا ( يقومُ ) فعلٌ مضارعٌ دلَّ على حدثٍ وهو القيامُ و زمنُهُ هو زمنُ التكلمِ , يعني : القيامُ وقعَ من زيدٍ أثناءَ الكلامِ , و قد يكونُ بعدَ زمنِ التكلمِ (سيقومُ زيدٌ ) يعني : مُستقبلاً ، وهذا بالقرينةِ ..

ـ قال :  و أمرٌ : هذا النَّوعُ الثالثُ من الأفعالِ و هو : "ما دلَّ على حدثٍ يُطْلبُ حُصُولُهُ بَعْدَ زمنِ التَّكَلُّمِ " يعني: يكونُ مَعْدومًا, (قم) هذا فعلُ أمرٍ، دلَّ على ماذا ؟ على الطلبِ , طلبِ إيقاعِ القيامِ في الزَّمنِ المُسْتقبلِ , هذاالغالب, ( يَا أيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) الأحزاب : 1، (اتّقِ) هذا فعلُ أمرٍ ،هل هو مثلُ (قم) ؟ الجوابُ : لا، (اتّقِ) التقوى حاصلةٌ ، إذنْ : علامَ دلَّ (اتّقِ) ؟ نقولُ : دلَّ على مُداومةِ التقوى ، إذنْ فعلُ الأمرِ يدلُّ على شيئين:

  • الأوَّلِ : طلبِ إيجادِ معدومٍ ، (قم) لم يقم فقام ،
  •  والثَّاني  :المداومةُ على الفعلِ ,( اتق اللهَ )  التقوى موجودةٌ و لكنْ : داوم عليها .

حينئذٍ نقولُ :  

   ـ المطلوبُ إمَّا أنْ يكونَ معدومًا بالكليةِ ، وهذا يُطلبُ وجودُهُ ، وإمَّا أنْ يكونَ موجودًا ، لكنْ يُطلبُ المُداومةُ عليهِ ، فَرْقٌ بينهما ...

تم عمل هذا الموقع بواسطة