(20) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيّةِ :
ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : الذي يُعْرَبُ بالحروفِ أربعةُ أنواعٍ :
المُثَنَّى ، و جَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالمُ ، و الأسماءُ الخَمْسَةُ ، و الأفعالُ الخمسةُ وهي :
يَفعَلانِ ، و تَفْعَلانِ ، و يَفْعَلُونَ ، و تَفْعَلونَ ، و تَفْعليْنَ ..
* الشــــــــــــــــــرح :
ـ في بابِ الأسماءِ الستّةِ قلتُ : إنَّ لها شروطًا عامَّةً وهي :
1ـ أنْ تَكونَ مُفْرَدَةً، 2ـ أنْ تَكونَ مُكَبَّرَةً، 3ـ أنْ تكونَ مُضَافَةً ، وأنْ تكونَ إضَافَتُها لغيرِ ياءِ المُتَكَلِّمِ ...
ـ و أريدُ أنْ أستدركَ على نفسي فائدةً تتعلَّقُ باشتراطِ النَّحاةِ أنْ تكونَ مُكبرةً ، فأذكرُ مسألةَ التَّصغيرِ من بابِ طَرْدِ الفائدةِ فأقولُ :
ليسَتْ كلُّ كلمةٍ تَصْلُحُ للتَّصْغيرِ ، بل وضعَ النَّحويونَ لذلك شروطًا :
1ـ أنْ تكونَ الكلمةُ اسمًا مُعْربًا ، فلا تصلحُ الأسماءُ المبنيةُ للتصغيرِ ، فمثلا : نقولُ : عُمَر ، و تصغيرُها : عُمَيْر ، لكنْ : حذامِ ، هذا اسمُ امرأةٍ وهو مبنيٌ ، فلا يصلحُ للتصغيرِ ، نشترطُ أنْ يكونَ مُعْربًا ..
2ـ ألاَّ يكونَ الاسمُ المُرادُ تَصْغيرُهُ من الأسماءِ الآتيةِ : أسماءِ اللهِ سبحانَهُ ، و أسماءِ الرُّسلِ الكرامِ ، و أسماءِ الملائكةِ ، لأنَّ التَّصغيرَ له أغراضُ متعددةٌ و منها التقليلُ و التحقيرُ ، فهذا محرمٌ إجماعًا ..
3ـ نضمُّ الحرفَ الأوَّلَ من الكلمةِ و نفتحُ الثانيَّ ، ثمَّ نزيدُ ياءً ساكنةً بعدَ الثاني ، و مثالُ ذلكَ : رَجُل : رُجَيْل ، حَمْرَاء : حُمَيْرَاء ، كَلْب : كُلَيْب ..
4ـ إذا بدأَ الاسمُ المرادُ تصغيرُهُ بهمزةِ الوصلِ ، عندَ تصغيرهِ نحذفُ هذهِ الهمزةَ ، فمثلا : ابْني : بُنَي ، امْرَأة : مُرَيْئة ، اسم : سُمَي ، و هكذا نقيس ..
و التَّصغيرُ لهُ أغراضٌ في اللُّغةِ يذكرُها أهلُ البيانِ و البلاغةِ و يشيرُ إليها النُّحاةُ ، و منها: التَّدليلُ ، وهذا يقعُ بين الأحبةِ ، و كذلكَ من أغراضِهِ التَّحقيرُ والتَّصغير ، هذا ما أحبَبْتُ ذكرَهُ من بابِ إتمامِ الفائدةِ ..
والأمثلة الخمسة هي: " كلُّ فعلٍ مضارعٍ اتصل به ألفُ الاثنين أو واو الجماعة أو ياءُ المؤنثة المخاطبة " ، كل فعل مضارع اتصل به " ألف الاثنين " : يضربان : الزيدان يضربان ، أو " واو الجماعة " : الزيدون يضربون ، أو "ياء المؤنثة المخاطبة" : هند تضربين ، هذا يسمى ماذا؟ يسمى الأمثلة الخمسة، وبعضهم يسميها "الأفعال الخمسة"، والأمثلة أولى، حينئذ نقول في حالة الرفع إذا لم يتقدمه ناصب ولا جازم، حينئذ يعرب بماذا؟
يعرب بالنون نيابة عن الضمة لأنَّه من الأمثلة الخمسة ، فكل فعل اتصل به ألف الاثنين حينئذ يعرب بالنون نيابة عن الضمة، والألف ما إعرابها؟ (يفعلان) فاعل، إذن :الزيدان يضربان الزيدان: مبتدأ، و (يضربان) تقول فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم، ورفعه ثبوت النون نيابة عن الضمة لأنه من الأمثلة الخمسة، والألف ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل, هكذا نعرب الجملة و نقيس عليها كل ما يشبهها حتى نتمكن من الإعراب ...
(يفعلون) هذا فعل مضارع أسند إلى واو الجماعة، (الزيدون يأكلون)، (يأكلون) ما إعرابه؟
نفس الإعراب السابق؛ لكن بدل الألف تقول الواو، إنما النحو قياس يتبع، هكذا النحو قياس، (يأكلون) فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم، ورفعه ثبوت النون لأنه من الأمثلة الخمسة، والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل ..
و هذا الباب يأتي على أوزان خمسة هي : يفعلان ، يفعلون ، تفعلان ، تفعلون ، تفعلين ،تفعلان ويفعلان : دل على أن ما أسند إلى ألف الاثنين قد يكون للمخاطب، وقد يكون للغائب، (الزيدان يفعلان) غائب، (أنتما تفعلان) إذن هذا للخطاب، إذن الفرق بين (يفعلان وتفعلان) الخطاب والغيبة، ومع ذلك هو هو، (تفعلين): (أنت يا هند تصومين)، (تصومين) فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم، ورفعه ثبوت النون لأنه من الأمثلة الخمسة ،والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، هو هو، وهنا خَصَّه بالتاء لأنَّ الفعل الذي أسند إلى ياء المخاطبة لا يكون إلّا للخطاب، لا يكون إلّا بتاء الخطاب، أما (يصومين) ليس في اللغة، (تفعلان، يفعلان) موجود، (تأكلان، يأكلان) موجود في لسان العرب، وهنا قاعدة مبنية على السماع، (تصومين، تصلين) موجود، (يصلين) هذا يكون شيئا آخر، تكون هنا النون نون الإناث، (يصومين) ليس عندنا هذا، وإنما هو بالتاء فقط، (تفعلون) هو السابق (يفعلون)، ولكنه أسند للياء، أسند الفعل إلى الواو، وكان للمخاطب، إذن كل فعل مضارع أسند إلى ألف الاثنين حينئذ يكون من الأمثلة الخمسة، ثم يستعمل للغيبة ويستعمل للخطاب، (يفعلان، تفعلان)،والفعل المضارع إذا أسند إلى واو الجماعة فهو من الأمثلة الخمسة، يعرب بثبات النون، ثم يكون بالتاء للخطاب: تفعلون ، ويكون بالغيبة (يفعلون) ، كذلك الفعل المضارع إذا أسند إلى ياء المؤنثة المخاطبة يكون من الأمثلة الخمسة، ورفعه بثبات النون، ولا يكون إلّا بالتاء ،هذا آخر ما يتعلق بباب الإعراب بالحروف نيابة عن الحركات ، وصلى الله على محمد و آله وصحبه ...