(17) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيّةِ :
ـ ثمَّ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : الذي يُعْرَبُ بالحروفِ أربعةُ أنواعٍ :
المُثَنَّى ، و جَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالمُ ، و الأسماءُ الخَمْسَةُ ، و الأفعالُ الخمسةُ وهي :
يَفعَلانِ ، و تَفْعَلانِ ، و يَفْعَلُونَ ، و تَفْعَلونَ ، و تَفْعليْنَ ..
* الشــــــــــــــــــرح :
و هو: " ما دلَّ على اثنينِ أو اثنتينِ بزيادةٍ في آخرِهِ ، صالحٍ للتجريدِ، وعطفِ مثلِهِ عليهِ " ..
فقولُنا : ما دلَّ على اثنينِ أواثنتينِ : لأنَّ المُثنَّى ليس خاصاً بالمُذكرِ، بل هو شاملٌ للمذكر والمؤنث على السواء ..
وقولنا : بزيادةٍ في آخرِهِ : يعنى بسببِ زيادةٍ في آخرِهِ، لأنَّ عندنا ألفاظاً تدلُّ على اثنين ، لكنْ بالوضْعِ لا بالزيادةِ (كشَفْع) , (شفع) يدلُّ على اثنينِ لكنَّه بالوضع، ليس عندنا زيادة، (زوج) يدل على اثنين لكنَّه بالوضعِ ليس بالزيادةِ ، والمراد هنا بزيادة ، يعنى بسبب زيادة ألفٍ ونونٍ في حالةِ الرفعِ ، وياءٍ ونونٍ في حالتي النَّصبِ والجرِّ ..
وقولنا : صالحٍ للتجريدِ : كالزَّيْدانِ ، فإنَّه يَصِحُّ أَنْ نُجَرِدَها من الألفِ والنَّونِ ، فنقولُ :
زيد ، و هذا بخلافِ : اثنانِ ، فإنَّه لا يَصْلُحُ لإسقاطِ الزيادةِ منْهُ ، فلا نقولُ : اثْن .
فإنْ لمْ يصلُحْ للتجريدِ فليس بمُثنَّى ، (كِلا وكِلتا) نقول (كِلا) من حيثُ المَعْنى دالٌّ على اثنينِ، وهو مُلْحَقٌ بالمثنَّى إذا أُضِيفَ إلى الضَّميرِ، حينئذ نقولُ : (كِلاهما ) نقول هذا ملحق بالمثنى ويُعربُ بالألفِ نيابةً عن الضمة و بالياء نيابةً عن الفتحة و الكسرة ، لكن هل هو مثنى؟ الجواب لا، لماذا؟ لأنَّه غيرُ صالحٍ للتجريدِ ...
وهذه أربعةُ ألفاظ عند النَّحاة :
(كلا، وكلتا) إذا أضيفتا إلى الضمير، و (اثنان، واثنتان) , (اثنان، واثنتان) فيه زائد لكنه ليس صالحاً للتجريدِ، وليس عندنا (اثن) وليس عندنا (اثنت)، وإنما هما (اثنان، واثنتان)، ففيهِ زيادةٌ لكنَّه ليس صالحاً للتجريدِ ...
و قولنا : وعَطْفِ مثلِهِ عليهِ : كـ (القمرين)، (قمران) المرادُ به الشَّمسُ والقمرُ، فيُثنَّى من بابِ التغليبِ ، حينئذ يكون مُلحقاً بالمُثنَّى ، هذه الألفُ والنَّونُ زائدةٌ للتثنيةِ ، لكن إذا حُذِفَتْ هل يُعطفُ مثلُه عليهِ ؟ ) قمر و قمر)، أو تقولُ (قمر وشمس) ؟ تقول (قمر، وشمس)، حينئذ نقول: هذا لم يتحققْ فيهِ حدُّ المُثنَّى، ولذلك (الأبوانِ : الأمُّ ، والأبُّ ) (أبوانِ) ليس مثنى، لكنْ يُعرَبُ إعرابَ المثنى ، فيكونُ مُلحقاً ، لماذا ليس مثنى مع أن (أب) زيدت عليه
الألف والنون؟ نقول : إذا حذفنا الألفَ والنونَ فهو صالحٌ للتجريد، لكنْ هل يُعطف عليه (أب ، وأب) ؟ نقول لا ، لأنَّ المراد الأب والأم ، فالمُثنَّى حينئذٍ هو : " ما دلَّ على اثنينِ أو اثنتينِ بزيادةٍ في آخرِهِ ، صالحٍ للتجريدِ، وعطفِ مثلِهِ عليهِ " ..
و مثال المُثنَّى الذي تحققت فيه الشُّروطُ قولنا :
جاءَ الزيدانِ ، و رأيتُ الزيدينِ ، و مرَرْتُ بالزيدينِ ، فـ ( الزيدان ) في المثال الأول فاعل مرفوع ، و علامة رفعه الألف لأنَّه مثنى ، و في المثال الثاني ( الزيدين ) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الياء لأنَّه مثنى ، و في المثال الثالث (الزيدين ) اسم مجرور بالباء ، و علامة جره الياء لأنَّه مثنى ...