(16) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيّةِ :
ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : المُعْرباتُ قِسْمَانِ : قسمٌ يُعْرَبُ بالحركاتِ ، و قسمٌ يُعْرَبُ بالحروفِ ، فالذي يُعْرَبُ بالحَرَكَاتِ أرْبَعَةُ أنواعٍ :
1ـ الاسمُ المُفْرَدُ ، 2ـ و جمْعُ التكسيرِ ، 3ـ و جمْعُ المؤنَّثٍ السَّالمِ ،4 ـ و الفعْلُ المُضارعُ الذي لم يَتَّصِلْ بآخرِهِ شيْءٌ ..
*الشّـــــــــرح :
. ثانياً : جمع التكسير ..
هذهِ عبارةُ المتأخرين من النَّحاةِ , وأمَّا المتقدمون مثل سيبويه والخليل فيقولون : الجمعُ المُكسَّرُ ...
و ضابطُه عندَ النَّحاةِ : " ما دلَّ على ثلاثةٍ فأكثرَ معَ تغيَّرٍ في صورةِ مفردهِ " ، نقولُ : رَجُل , فإذا جمعناه قلنا: رِجَال , ماذا حدثَ ؟ كَسَّرنا المفردَ ، يعني : غيَّرنا صورتَه التي كان عليها قبلَ جمعِهِ ، فزدنا حرفاً رابعاً فرَّقَ بينَ الجيمِ واللَّام ، فتغيرت هيئةُ الكلمةِ عن أصلِها،والراءُ كانت في المفردِ مفتوحةً فصارت في الجمع مكسورةً ، و كانت الجيمُ في المفردِ مضمومةً ، فصارت في الجمعِ مفتوحةً ، وهذا بخلافِ المذكرِ السالمِ , فالمفردُ فيه يبقى على أصلِهِ معَ الزيادةِ عليه .. و وجُوهُ التغيُّرِ محصورةٌ في ستةٍ بالاستقراءِ وهي :
و مثالُ جمعِ التكسيرِ المُعربُ بالحركاتِ قولنا : قامَ الرِّجالُ ، و رأيْتُ الرِّجالَ ، و مررْتُ بالرِّجالِ ، فـ ( الرِّجال ) في الأمثلةِ الثلاثةِ استحقَّ الرفعَ بالضمةِ و النَّصبَ بالفتحةِ والجرَّ بالكسرةِ على الأصلِ ...
ثالثاً : الجَمْعُ المزيدُ بألفٍ وتاءٍ ...
المَشْهورُ هو التَّعبيرُ بجمعِ المؤنَّثِ السَّالمِ ، وهذا التَّعبيرُ: "جمعُ المؤنَّثِ السَّالمِ" مُنْتَقَد، يعني فيهِ نظرٌ، والأصَّحُ أنْ يُقالَ: "ما جُمِعَ بألفٍ وتاءٍ مَزِيدَتينِ" وحقيقتُهُ:
أنَّهُ جَمْعٌ تحققتْ جمعيتُهُ بسببِ ألفِ وتاءٍ مزيدتينِ، فيُشترِطُ أَنْ تكونَ الألفُ زائدةً , احترازاً ممَّا لوكانَتْ التاءُ زائدةً والألفُ أصليةً ، ومثالها : (قُضَاة) آخرُها ألفٌ وتاءٌ، هل هو مثل (فَاطِمَات)؟ فاطمات هذا جمع مؤنَّثٍ سالمٍ ، يعني: جمعٌ بألفٍ وتاءٍ ، (فَاطِمَات، عَائِشَات، زَيْنَبَات، هِنْدَات)، وهذا جمعٌ بألفٍ وتاءٍ ، هل (قُضَاة) جمعُ مؤنثٍ سالمٍ؟ الجواب لا، لماذا؟ لأنَّنا اشترطنا أَنْ تكونَ الألفُ زائدةً، وكذلك التاءُ زائدةً ، فلو كانت إحداهما زائدةً والأخرى أصليةً ، لما كانَ جمعَ مؤنثٍ سالمٍ، بل هو جمعُ تكسير، و (قضاة) التاء زائدة، والألفُ ليسَتْ بزائدةٍ لأنَّها منقلبةٌ عن أصل ، وأصلُها (قُضَيَةٌ) ، تحركت الياءُ وفُتِحَ ما قبلها فقُلِبَتْ ألفاً ، فالحاصل أن (قضاة) ليست بجمعِ مؤنثٍ سالمٍ ، بل جمع تكسير، فإن قيل : خُتِمَ بألف وتاء،وهذا شرط جمع المؤنث السالم، نقول :خُتِم بألف وتاء إلا أَنَّ الألفَ أصليةٌ ، وشرط جمع المؤنث السالم أن تكون الألف زائدة وليست أصلية، و من ذلك : (صَوْت) يُجمع على (أصْوَات)،هل هو جمعُ مؤنثٍ سالمٍ؟ الجواب لا، بل جمع تكسير، لماذا ؟ لأنَّ التاءَ في (أصوات) أصلية ، لأنَّ أصله ماذا؟ (صوت)،و مثلها :
(مَيْت) (أمْوَات) حينئذ نقول: (ميت) يُجمع على (أموات)، إذن (أموات) الألف زائدة والتاء أصلية، متى يكون جمعَ مؤنثٍ سالمٍ ؟ إذا كانت الألفُ زائدةً والتاءُ كذلك زائدة .
ـ رابعاً : الفِعْلُ المُضَارِعُ الذي لمْ يتصلْ بآخرِهِ شَيء ..
هذا هو النَّوعُ الرَّابعُ و الأخيرُ ممَّا يُعْرَبُ بالحركاتِ الأصليةِ ، و هو الفعلُ المُضارعُ الذي لم يتصلْ به شيٌ ، و منه قولُهُ تَعالى ( يومَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسَلَ ) آية 109 المائدة ..
فقولُهُ تعالى ( يَجْمَعُ ) فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجردِهِ منْ ناصبٍ وجازمٍ ، وعلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ الظاهرَةُ على آخرِهِ ، و الضمَّةُ علامةُ إعرابٍ أصليةٍ ، و قد استحقَّ ذلكَ لأنَّه لم يتصلْ بآخرِهِ شيٌ يوجبُ بناءَهُ أو إعرابَهُ بالحرفِ نيابةً عن الحركةِ ...
و قولنا : لن يقومَ زيدٌ ، فـ ( يقومَ ) فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بـ ( لن ) وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظاهرةُ على آخرِهِ ، و قد استحقَّ ذلك لأنَّه لم يتصلْ بآخرِهِ شيٌ يُوجِبُ بناءَهُ أو إعرابَهُ بالحرفِ نيابةً عن الحركةِ ...
أمَّا إذا اتَّصلَ بالفعلِ المضارعِ نونُ النِّسوةِ أونونُ التَّوكيدِ الثقيلةِ أو الخفيفةِ ، فإنَّهُ يكونُ مبنياً لا معرباً و سيأتي في موضعه إنْ شاء الله تعالى ، و بهذا ننتهي من باب المُعربات بالحركات الأصلية ، يلي ذلك المعربات بالحروف و الله الموفق سبحانه ...