(15) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيّةِ :
ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : المُعْرباتُ قِسْمَانِ : قسمٌ يُعْرَبُ بالحركاتِ ، و قسمٌ يُعْرَبُ بالحروفِ ، فالذي يُعْرَبُ بالحَرَكَاتِ أرْبَعَةُ أنواعٍ :
1ـ الاسمُ المُفْرَدُ ، 2ـ و جمْعُ التكسيرِ ، 3ـ و جمْعُ المؤنَّثٍ السَّالمِ ،4ـ و الفعْلُ المُضارعُ الذي لم يَتَّصِلْ بآخرِهِ شيْءٌ ..
*الشِّــــــــرح :
قبلَ شَرْحِ هَذا الجُزْءِ أنَبِّهُ على أمرٍ :
تَخَطَيْتُ جزءً يسيرًا من المتنِ منعا للتكرارِ ، و هو تفصيلٌ لهذا الجزءِ الذي نتعرَّضُ لشَرْحِهِ الآنَ فرَاجِعُوهُ ، على كلِّ حالٍ نقولُ :
علامَاتُ الإعْرَابِ نوعانِ : إمَّا حركاتٌ و إمَّا حروفٌ ، فالحرَكَاتُ تَدْخُلُ فيأرْبَعَةِ أبوابٍ : وهي المَذْكُورةُ مَعَنا أعلاهُ ..
أحسنُ ما نُعَرِّفُ بهِ المفردَ في بابِ الإعرابِ هو : " ما دلَّ على واحدٍ أو واحدةٍ و ليس من الأسماءِ الستةِ " ، ومثالُه : زيدٌ و عمروٌ و بكرٌ و عائشةُ و فاطمةُ و خديجةُ ، فكلُ هذهِ الأسماءِ تدلُّ على الواحدِ المذكرِ و الواحدةِ المؤنثةِ ، و تُعرَبُ بالحركاتِ الأصليةِ ، فتُرفعُ بالضمةِ ، و تُنصبُ بالفتحةِ ، و تُجرُّ بالكسرةِ .
و قولنا : " وليس من الأسماءِ الستةِ " ، هذا قيدٌ نحترزُ بهِ مِنْ مثلِ : أبوكَ ، و أخوكَ ، فإنَّها تدلُّ على واحدٍ ، لكنَّها تُعرَبُ بالحروفِ نيابةً عن الحركاتِ ، والقيدُ هنا لازمٌ حتى لا نُدخِل في القاعدةِ ما ليس منها ، إذ شرطُ التعريفِ أنْ يكونَ جامعاً لكلِ أفرادِهِ ، مانعاً من دخولِ غيرِها فيهِ ، ومثالُ المفردِ الذي اجتمعَ فيهِ شرطُ التعريفِ قولُنا :
قامَ زيدٌ
فـ ( قامَ ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الفتحِ لامحلَ لهُ من الإعرابِ ، و ( زيدٌ ) فاعلٌ مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الضمةُ الظاهرةُ على آخرِهِ ، والشَّاهدُ هنا:( زيدٌ ) فإنَّه جاءَ مُعرباً بالضمةِ الظاهرةِ على آخرِهِ ، والضمةُ حركةُ إعرابٍ أصليةٌ ، و قد استحقَّ ذلكَ لأنَّه اسمٌ مفردٌ ،ومنه قولُنا : قامَتْ فاطمةُ ، فـ ( قامَتْ ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌ على الفتحِ لا محلَّ له من الإعرابِ ، و التاءُ للتأنيثِ ، حرفٌ مبنيٌ على السكونِ لا محلَّ له من الإعرابِ ، ( فاطمةُ ) فاعلٌ مرفوعٌ ، وعلامةٌ رفعِهِ الضمةُ الظاهرةُ على آخرِهِ ، و الشَّاهدُ هنا :
( فاطمةُ ) فقد وقعَ هذا الاسمُ فاعلاً مرفوعاً بالضمةِ ، وهي حركةُ إعرابٍ أصليةٌ ، و قد استحقَّ ذلكَ لأنَّه اسمٌ مفردٌ ...
و كذلكَ في حالتي النَّصبِ والجَرِّ ، نعربُهُ بالفتحةِ و الكسرةِ على الأصْلِ ، فنقول :
رأيْتُ زيداً
فـ ( زيداً ) مفعولٌ به منصوبٌ ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظاهرةُ على آخرِهِ ، و قد استحقَّ الفتحةَ لأنَّه اسمٌ مفردٌ ، و كذلكَ قولُنا : مرْرتُ بزيدٍ ، فـ ( زيدٍ ) اسمٌ مجرورٌ بالباءِ وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ لأنَّهُ اسمٌ مفردٌ . و قدْ وردَ على مِثْلِ ذلكَ في القرءانِ قولُهُ تعالى : " واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " البقرة : 218 ، فالاسمُ المُكَرَّمُ ( اللهُ ) اسمٌ مفردٌ ، وهو مبتدأٌ مرفوعٌ و علامةُ رفْعِهِ الضمةُ الظاهرةُ على آخرِهِ ، و قد استحقَّ ذلكَ لأنَّه اسمٌ مفردٌ ..
و قولُهُ تعالى " إنَّ اللهَ كانَ غفورًا رَّحيمًا " النساء : 23
فالاسمُ المُعَظَّمُ ( اللهَ ) وقعَ اسمًا لإنَّ فكانَ حقُّهُ النَّصبَ بفتحةٍ لأنَّهُ اسْمٌ مُفْرَدٌ ، و قولُهُ تعالى " تَرْمِيهِم بِحِجَارةٍ مِنْ سِجِّيلٍ " الفيل : 4 ، فـ ( سِجِّيلٍ ) اسمٌ مجْرورٌ بـ ( من ) و علامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظاهرةُ تحت آخرِهِ ، لأنَّه اسمٌ مفردٌ ..