(13) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيَّةِ :
ـ قالَ ابنُ آجُرُّومَ : الإِعْــــــــــرَابُ: هُوَ تَغْييرُ أوآخرِ الكَلِم،لاختلافِ العواملِ الداخلةِ عليها لفظًا أو تقديرًا ..
* الــــــــــــشَّــرْحُ :
قلْنا إنَّ الإعْرِابَ ظاهرٌ و مُقَدَّرٌ ، و المُقَدَّرُ يَدْخُلُ أربعةَ أبوابٍ ، و قَدْ ذَكرْتُ بابَ المقصورِ و المنقوصِ ، يبقى لي مسألتانِ تتعلقانِ بالمقصورِ و المنقوصِ :
وهي تتعلقُ برسمِ بعضِ الكلماتِ المقصورةِ ، قلْنا إنَّ : الفتى و الرِّضا اسمانِ مقصورانِ ، لكنْ نلاحظُ أنَّ ألفَ الفتى تختلفُ عن ألفِ الرِّضا ، و النَّحاةُ يقولونَ : لو كانَ أصلُ الكلمةِ ياءً ، فإنّنا نكتب الألف هكذا : ى ، مثال : كلمةُ الفتى لو جعلناها في المثنى نقولُ : الفتيانِ ، انقلبَت الألف ياءً ورجعَتْ لأصلها ، لأنَّ تثنيةَ الاسمِ نعرفُ من خلالها أصلُ الألفِ ، هل هو يائيٌ أو واويٌ ، و كلمةُ الفتى مختومةٌ بألفٍ مقصورٍ يشبهُ حرفَ الياءِ ، و السببُ أنَّ الألف أصلُهُ ياءٌ ، و كنَّا في الصِّغَرِ يقولونَ لنا : ياء وزة ، يريدون الألف المقصور ...
و أمَّا الرِّضا فنثنَّيها ونقولُ : الرِّضوانِ ، انقلبَتْ الألفُ واوًا ، فلذلكَ نكتبُها : الرِّضا ، و هذهِ قاعدةٌ نقيس عليها ، فكما قال الكسائيُّ إنَّما النَّحو قياسٌ يُتبع ..
وهي : كلمةُ القاضي : متى يجوزُ أنْ نقولَ : قاضٍ ، نحو : جاءَ قاضٍ ، فنحذفُ الياءَ ، النَّحاةُ اشترطوا لذلكَ شروطًا ثلاثةً و هي :
1ـ أنْ تتجردَ الكلمةُ من أل
2ـ أنْ تتجردَ من الإضافةِ
3ـ أن تكونَ الكلمةُ في موضعِ رفعٍ أو جرٍّ
و مثالُ ما اجتمعَتْ فيه الشروطُ قولُهُ تعالى : " وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ " الأعراف : 41 ، و هذه الآيةُ في تعذيبِ أهل الكفرِ والشِّركِ ، و الشَّاهدُ : غواشٍ ، فالأصلُ : غواشي ، لكنْ لمَّا تجردَتْ من أل و الإضافةِ و كانَتْ في موضعِ رفعٍ على الإبتداءِ ، جازَ حذفُ الياءِ ..
و لو قلْتُ : رأيتُ قاضيًا ، فإنَّ الياءَ هنا مُثبتةٌ لأنَّ الكلمةَ في موضعِ نصبٍ على المفعوليةِ ، فلمْ يَجُزْ حذفُها ، فنشترطُ أنْ تكونَ في غيرِ محلِ نصبٍ ..
ـ البابُ الثالثُ : الاسمُ المُضافُ إلى ياء النَّفْسِ أي : ياءِ المتكلمِ ..
و هو كلُّ اسمٍ نكرةٍ أُضيفَ إلى ياءِ النَّفسِ نحو : قلمٌ ، و كتابٌ ، و مصحفٌ ، فنقولُ : قلمي و كتابي و مصحفي ، و الاسمُ المضافُ إلى ياءِ المتكلمِ يكتسبُ التعريفَ بهذهِ الإضافةِ و يزولُ تنكيرُهُ ، لأنَّ قولكَ : هذا قلمي ، فيهِ إضافةُ القلمِ لكَ ، بخلافِ : هذا قلمٌ ، فهذهِ الإضافةُ أكسبتْهُ التعريفَ ، و الاسمُ المضافُ إلى ياءِ المتكلمِ نُقَدِّرُ عليهِ كلَّ علاماتِ الإعرابِ ، فنقولُ : هذا قلمي ، فـ ( هذا ) اسمُ إشارةٍ مبنيٌ على السُّكونِ في محلِ رفعِ مبتدأ ، و ( قلمي ) خبرٌ مرفوعٌ و علامةُ رفعِهِ الضمةُ المقدرةُ على آخرِهِ ، منعَ من ظهورِها اشتغالُ المحلِ بحركةِ المناسبةِ ، ما هو محلُّ ظهورِ الضمةِ هنا ؟
نقولُ : الميمُ من قلمي ، هل ظهرتْ الضمةُ ؟ لا ، لماذا ؟ لأنَّ الياءَ لا يناسبُها إلاَّ كسرُ ما قبلَها ، فلا يمكنُ إظهارُ الضمةِ ، فالعلةُ صوتيةٌ إذنْ ، و هذا يدلُّ على أهميةِ علمِ الأصواتِ ، فيجبُ الاعتناءُ بهِ ، لأنَّهُ لا قوامَ لعلمِ النَّحوِ إلاَّ بهِ ..
و قدْ وردَ المضافُ إلى ياءِ المتكلمِ في قولِهِ تعالى :
" قالَ ربي إنَّي دعوتُ قومي ليلًا و نهارًا " نوح : 5 ، فـ ( قومي ) مفعولٌ بهِ منصوبٌ و علامةُ نصبِهِ الفتحةُ المقدرةُ على آخرِهِ منعَ من ظهورها اشتغالُ المحلِّ بحركةِ المناسبةِ ..
و البابُ الرَّابعُ : المضارعُ المعتلُّ الآخرِ ..
إذا معتلًا بالألفِ نقدِّرُ عليهِ الضمةَ و الفتحةَ كما في قولِهِ تعالى : " إنّما يخْشى اللهَ من عبادِهِ العلماءُ " فاطر : 28 ، فـ ( يخشى ) فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الضمةُ المقدرةُ على آخرهِ ، و قولُهُ تعالى : " ولَنْ تَرْضى عنكَ اليهودُ و لا النَّصارى حتَّى تتبعَ مِلَّتَهم " البقرة : 120 ، فـ ( ترضى ) مضارعٌ منصوبٌ بـ لن و علامةُ نصبِهِ الفتحةُ المقدرةُ على آخرهِ ..
و إذا كانَ معتلاً بالياءِ أو الواوِ ، فإنَّنا نقدِّرُ عليهِ الضمةَ فقط ، كقولِهِ تعالى : " و اللهُ يدعوا إلى دارِ السَّلامِ و يهدي مَنْ يشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ " يونس : 25 ، فـ ( يدعوا ) مضارعٌ مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الضمةُ المقدرةُ على الواوِ للثقلِ ، و كذلكَ ( يهدي ) مضارعٌ مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الضمةُ المقدرةُ على الواوِ للثقلِ ..