(1) دَوْرَةُ شَرْحِ الآجُرُّوُمِيَّةِ :
الحمدُ للهِ و الصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِهِ و بَعْدُ :
مِنْ بَابِ التَّعْجيلِ بالفائدةِ نبدأُ هَذِهِ الدَّوْرَةَ بذكرِ شيء مِنْ المُقدَّمَاتِ التي يحتاجُ إليها طالبُ عُلُومِ العربيةِ ، فنستعينُ باللهِ و نَقُولُ :
*أولاً : النَّحْو صِنَاعةُ تُتَعَلَّمُ ..
ـ فأمَّا كونُهُ صًنَاعةً ، فلأَنَّ كُلَّ صناعةٍ تحتاجُ جُهْداً مُنَظَّمًا مُثْمِراً ،و كذلكَ النَّحْو ، يحتاجُ جُهداً مُنظَّماً لإِدْرَاكِ الثَّمَرةِ ، إذاً : لابُدَّ من بذلِ المَجْهُودِ ، فالعلمُ لا يُنالُ براحةِ الجِسْمِ كما قالَ العلماءُ ، و هذا الجُهْدُ لابُدَّ أنْ يكونَ مُنَظَّماً ، فَيَسِيرُ الطَّالِبُ على هَدْي الأَوَّلينَ ..
ـ و قدْ وضعَ العُلَمَاءُ مَنْهَجاً يَسيرُ عليهِ طُلاَّبُ علومِ العَرَبِيَّةِ لا يَحيدونَ عنْهُ قِيْدَ أُنْمُلَةٍ ، فَمَنْ حادَ سَقَطَ ولَمْ يَبْلُغْ مَنَازِلَ القومِ ..
ـ و هذا المنهجُ قائمٌ عَلى مُخْتَصَراتٍ وضَعَهَا النُّحاةُ ، فَيبدأُ الطالبُ بِمُخْتَصَرٍ يَجْمَعُ مَسائِلَ الفنِّ ، فيتَصَوَّرُ هَذِهِ المَسَائِلَ في ذِهْنِهِ تَصَوُّراً كُلَيّاً بأمثلةٍ تُوَضِحُهَا ، ثُمَّ يَرْتَقي رُويداً رُويداً في سُلًّمِ الطلبِ ..
ـ وأمَّا أنَّهُ يُتَعَلَّمُ : فإنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ بإمْكَانِهِ تَعَلُّمَ النحو بِسُهولةٍ ، لا كما يُشِيعُونَ أنَّهُ صَعْبٌ و طَويلٌ سُلَّمُهُ ، فهذا لا نُوَافِقُ عليهِ أبداً ، بَلْ نَقولُ : النَّحو سهلٌ و قصيرٌ سُلَّمُهُ ، فمَنْ رَغِبَ في النَّحْوِ رَغِبَ النَّحْوُ فيهِ ، و مَنْ رَغِبَ عنهُ أعْطاهُ ظَهْرَهُ ..
*ثانياً : أهميَّةُ دِرَاسةِ المُخْتَصَرَاتِ ..
ـ جَرَتْ عَادُةُ العُلَمَاءِ أنْ يَبدَؤوا بِتَدْريسِ المُخْتَصراتِ لأسبابٍ :
1ـ إِحَاطَةُ المُخْتَصراتِ بِمَسَائلِ العِلْمِ الكُليَّةِ : فكلُّ مُخْتَصَرٍ بِهِ جُمْلَةٌ من المسائلِ هي الأشْهَرُ و الأَهَمُّ ، و لا تَتَصَوَّرُ النَّفْسُ جَهْلَ طُلاَّبِ العلمِ بِها ، و نحنُ نقولُ : كما أنَّ التَّوحيدَ هو أّصْلُ الدِّينِ و صُلْبُهُ و حَقِيقَتُهُ ، فكذِلكَ : المُخْتَصَرَاتُ هي أَصْلُ العُلومِ و حقيقَتُها ، فمَنْ ضيَّعَ التَّوحيدَ ضيَّعَ الدِّينَ ، و مَنْ ضيَّعَ المُخْتَصَرَاتِ فقد ضيَّعَ العلمَ ..
2ـ سُهُولَةُ استِحْضَارِ المُختَصَرَاتِ وقْتَ الحَاجةِ : طالبُ العلمِ يحتاجُ في كثيرٍ من الأحيانِ بعضَ المسائلِ ،فلو كَانَ عِنْدَهُ مُخْتَصَرٌ مَحْفوظٌ في كُلِّ عِلْمٍ , فإنَّهُ يَسْهُلُ عليهِ استِحْضَارَ هذِهِ المسائلَ ، فلذلكَ العلماءُ يَهْتَمُونَ بالمُختَصَرَاتِ ..
3ـ المُخْتَصَرَاتُ تُعينُ على مُرَاجَعَةِ العِلْمِ : العِلْمُ يُنْسى بِالمعاصي و التَّفرِيطِ في حقِّ اللهِ تعالى ، فإذا تابَ العبدُ و أنابَ ، اشْتَعَلَتْ هِمَّتُهُ لِمُرَاجعةِ مَحْفُوظَاتِهِ ، فإذا بِهِ قد نسيَ و تَفَلَّتَتْ مِنْهُ ، فإذا رَجَعَ للمُخْتَصَرَاتِ سَهُلَ عليهِ ..
*ثالثاً : كُلُّ علمٍ لَهُ مُصْطلَحاتٌ مُغْلَقةٌ على أهلِهِ ..فالنُّحاةُ لهُمْ اصْطِلاحَاتٌ خآصَّةٌ بهم ، و كذلكَ الفقهاءُ و المُحَدِّثونَ ،و طالبُ العلمِ مُهِمَّتُهُ حِفظُ هذِهِ المُصطلحاتِ و إدراكِ معانيها ، و هناكَ اصْطِلاحاتٌ يُسمِّيها العلماءُ : ألفاظٌ رَحَّالةٌ ، لأنَّ كُلَّ أربابِ الفنونِ يَسْتَعْمِلُونَها ، فالَّلفْظُ يَرْحَلُ في كُّلِ الفنونِ ..
*رابعاً : مَوْضُوعُ علمِ النَّحو :
علمُ النَّحْو يَبْحَثُ في الجُمْلةِ العَرَبيةِ من خلالِ مُسْتَويينِ :
1ـ أوآخرِ الكلامِ : فكُلُّ كلمةٍ لها أخرٌ ، و هو حرفُها الأخيرُ ،وهذا الحرفُ يأتي مرفوعاً أو منصوباً أو مجروراً أو ساكناً ، و الذي يُحَدِّدُ ذلكَ هو علمُ النَّحو ..
2ـ دراسةُ العَلاقَاتِ التي تَربِطُ بينَ مُفْرَداتِ الجُمْلةِ العَرَبيةِ , للوصُولِ إلى الفائدةِ الكلاميةِ التَّامَّةِ ، و هو ما يُسَمَّيهِ النُّحَاةَ : مَعَانِيَ النَّحوِ .
*خامساً : مَنْهَجُنا في الشِّرحِ ..
سألتزمُ السُّهُولةَ في الشَّرحِ و التَّيسيرِ ، و سنجعلُ القرءانَ و السنَّةَ و الشِّعرَ العربيَّ الفصيحَ طريقنا للتفهيمِ و التوضيحِ ، و أقرِّرُ القواعدَ و الأصولَ على نحوٍ يرتقي بطالبِ العلمِ ، و أذكرُ بعضَ أسرارِ النَّحوِ لِيُدْرِكُ طالبُ العربيةِ الفُصْحى أهميةَ النَّحوِ العربي ، نسألُ اللهَ التوفيقَ و القبولَ ...