*تبسيط النحو العربي (8) : المعربات بالحركات الأصلية
*ثالثًا : الجمع المزيد بألف وتاء :
المشهورُ هو التعبير بجمع المؤنث السالم، وهذا التعبير: "جمع المؤنث السالم" مُنتقَدٌ؛ يعني: فيه نظرٌ، والأصحُّ أن يقال: "ما جُمِع بألف وتاء مزيدتين"، وحقيقته: أنه جمعٌ تحقَّقت جمعيَّتُه بسبب ألف وتاء مزيدتين، فيشترطُ أن تكون الألف زائدة؛ احترازًا مما لو كانت التاء زائدةً والألف أصلية، ومثالها: (قضاة) آخرُها ألف وتاء، هل هي مثل (فاطمات)؟ فاطمات هذا جمع مؤنث سالم، يعني: جمع بألف وتاء، (فاطمات، عائشات، زينبات، هندات)، وهذا جمع بألف وتاء، هل (قضاة) جمع مؤنث سالم؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأننا اشترطنا أن تكون الألف زائدة، وكذلك التاء زائدة، فلو كانت إحداهما زائدةً والأخرى أصلية، لما كان جمعَ مؤنث سالمًا، بل هو جمع تكسير، و(قضاة) التاء زائدة، والألف ليست بزائدةٍ؛ لأنها منقلبة عن أصل، وأصلها (قُضَيَة)، تحركت الياء وفُتح ما قبلها فقلبت ألفًا، فالحاصل أن (قضاة) ليست بجمع مؤنث سالم، بل جمع تكسير، فإن قيل: خُتِم بألف وتاء، وهذا شرط جمع المؤنث السالم؟ نقول: خُتِم بألفٍ وتاء إلا أن الألفَ أصليَّة، وشرط جمع المؤنث السالم أن تكونَ الألفُ زائدة وليست أصلية، ومن ذلك: (صَوْت) يجمع على (أصوات)، هل هو جمعُ مؤنث سالم؟ الجواب: لا، بل جمع تكسير، لماذا؟ لأن التاءَ في (أصوات) أصليَّة؛ لأن أصلَه ماذا؟ (صوت)، ومثلها: (ميت) (أموات) حينئذٍ نقول: (ميت) يجمع على (أموات)، إذًا (أموات) الألف زائدة والتاء أصلية، متى يكون جمع مؤنث سالمًا؟ إذا كانت الألف زائدة والتاء كذلك زائدة.
ومثال الجمع المزيدِ بألفٍ وتاء قولُنا: قامت الفاطمات، فـ (قامت) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ لا محلَّ له من الإعراب، والتاء للتأنيث، حرف مبنيٌّ على السكون لا محلَّ له من الإعراب، (الفاطمات) فاعلٌ مرفوع، وعلامةُ رفعه الضمةُ الظاهرة على آخره، والشاهدُ هنا: (الفاطمات) فإن هذه الكلمةَ وقعَتْ فاعلًا مرفوعًا بالضمة، وهي حركةُ إعرابٍ أصليَّة، وقد استحقَّت ذلك لأنها جمعٌ مزيد بألف وتاء.
وكذلك قولنا: مرَرْتُ بالفاطمات، فـ (الفاطمات) اسمٌ مجرور بالباء، وعلامةُ الجرِّ الكسرةُ الظاهرة، وهي حركةُ إعراب أصليَّة، وقد استحقَّ ذلك لأنه جمعٌ مزيد بألف وتاء.
أما في حالة النصب، فإنه يُنصبُ بالكسرة نيابةً عن الفتحة، ومثاله:
رأيتُ الفاطماتِ، فـ (الفاطمات) مفعولٌ به منصوب، وعلامة نصبه الكسرةُ نيابةً عن الفتحة؛ لأنه جمعٌ مزيد بألف وتاء.
والأصلُ في الجَمْعِ المزيد بألفٍ وتاء أن تكون الحركاتُ الإعرابية ظاهرةً عليه، إلا إذا أضيف إلى ياءِ المتكلم، فإننا نُقدِّر عليه الحركة الإعرابية، ومنه قولنا:
(هذه شجراتي، وبقراتي)، فالرفعُ هنا على الخبر بالضمة المقدرة.
*رابعًا: الفعلُ المضارعُ الذي لم يتَّصل بآخره شيء:
هذا هو النوع الرابع والأخير مما يُعرَبُ بالحركات الأصليَّة، وهو الفعل المضارع الذي لم يتَّصل به شيء، ومنه قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ ﴾ [المائدة: 109]،
فقوله تعالى: ﴿ يَجْمَعُ ﴾: فعل مضارع مرفوعٌ؛ لتجرُّده من ناصبٍ وجازم، وعلامةُ رفعِه الضمةُ الظاهرة على آخره، والضمةُ علامةُ إعرابٍ أصليَّة، وقد استحقَّ ذلك؛ لأنه لم يتَّصل بآخره شيءٌ يُوجِبُ بناءَه أو إعرابه بالحرف نيابةً عن الحركة.
وقولُنا: لن يقومَ زيدٌ، فـ(يقوم) فعلٌ مضارع منصوبٌ بـ (لن)، وعلامةُ نصبِه الفتحة الظاهرة على آخره، وقد استحقَّ ذلك لأنه لم يتَّصِلْ بآخره شيءٌ يُوجِب بناءه، أو إعرابه بالحرف نيابةً عن الحركة.
أما إذا اتصل بالفعل المضارع نونُ النسوة، أو نونُ التوكيد الثقيلة أو الخفيفة، فإنه يكون مبنيًّا لا معربًا، وسيأتي في موضعِه إن شاء الله تعالى، وبهذا ننتهي من باب المعربات بالحركاتِ الأصليَّة، يلي ذلك المعرباتُ بالحروفِ، والله المُوفِّقُ سبحانه.