10 Aug

يقول السائل :

هل ذكر دليل على أنه ستكون خلافة قبل المهدي ؟


الجواب :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أولا : أعتذر عن تأخر الجواب و أرجو قبول العذر ..

ثانيا : ما يتعلق بأنها ستكون خلافة قبل المهدي ، فجوابنا أن نقول :

     -أولا : قد وردت روايات كثيرة تدل على أن هناك رجلا من آل بيت رسول الله - صلى الله عليه    وسلم - يخرج في آخر الزمان ، فيملك سبع سنين، يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويفيض المال ، و هذا الرجل هو محمد بن عبدالله الحسني القرشي ، و أحاديث المهدي  بلغت حد التواتر كما صرح بذلك جماعة من أهل العلم، قال السفاريني في لوامع الأنوار البهية ( وقد كثرت بخروجه الروايات، حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة، حتى عُدّ من معتقداتهم" إلى أن قال: "وقد روي عمن ذُكر من الصحابة وغير من ذُكر منهم رضي الله عنهم، بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، ما يفيد مجموعه العلم القطعي ، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة" انتهى.

وقال الشوكاني: "والأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر ، التي أمكن الوقوف عليها ، منها خمسون حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول..." انتهى.

وقد أنكر جماعة خروج المهدي محتجين بحديث "ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم" وهو حديث رواه ابن ماجه والحاكم، لكنه ضعيف كما جزم بذلك جماعة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ...

و من الأحاديث التي وردت في ذلك :

1-ما رواه أحمد والترمذي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي" وفي رواية لأبي داود: "يواطيء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي". والحديث قال عنه الترمذي: حسن صحيح، وصححه أحمد شاكر والألباني.

2- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلاً، كما ملئت ظلما وجوراً، يملك سبع سنين" رواه أبو داود والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.

3- وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.

4- وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة" رواه أحمد وابن ماجه، وصححه أحمد شاكر والألباني. قال ابن كثير في كتابه النهاية في الفتن والملاحم: (أي يتوب الله عليه، ويوفقه ويلهمه، ويرشده بعد أن لم يكن كذلك).

5- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم" رواه البخاري ومسلم.

6- وعن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة" قال: "فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا. إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة" رواه مسلم. وفي رواية عند الحارث بن أبي أسامة " فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا..." الحديث، قال عنه ابن القيم في المنار المنيف: هذا إسناد جيد.

فهذه الرويات تدل على ظهور المهدي حقيقة و هذا قول عامة أهل السنة والحديث ..


   -ثانيا : هل تكون خلافة قبل المهدي ؟

نقول : وردت عدة أحاديث تفيد ذلك ومنها :

1- ما رواه  حذيفة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت » رواه أحمد وغيره ..

و هذا الحديث تنازع العلماء فيه على قولين :
الأول : أن الخلافة المقصودة في آخره هي خلافة عمر بن العزيز - رضي الله عنه - و هذا القول فيه ضعف لأنه لم يكن هناك ملك جبري يسبق ذلك ، فلذلك تعين المصير إلى القول الثاني و هو :
أن الخلافة المقصودة في آخر الحديث هي التي تلي الملك الجبري ، و الملك الجبري هو حكم الطواغيت الذي تبدلت فيه الشرائع و شاع الظلم بلاد المسلمين ،
فهذان قولان نختار منهما الأقرب و هو أن هناك خلافة بعد الملك الجبري و أغلب الظن هي التي تسبق المهدي ...
2- وعن أم سلمة رضى الله عنه قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
«  يكون اختلاف عند موت خليفة ، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربًا إلى مكة ، فيأتيه ناس من أهل مكة ، فيخرجونه وهو كاره ، فيبايعونه بين الركن والمقام »  ورواه أحمد والطبرانى فى الأوسط وابن أبى شيبة وزاد :
«  فيجهز إليه جيش فيهزمهم الله ، فتكون الدائرة عليهم »  قال الهيثمى :  رجاله رجال الصحيح وحسن ابن القيم إسناده ..
فدل هذا الحديث  على وجود خلافة قبله ، ويكون فى نهايتها خصام ونزاع ، ثم يأتى هو فى أعقابها ، فيملأ الأرض عدلا ..
و قوله - صلى الله عليه وسلم-  في الحديث « فيجهز إليه جيش فيهزمهم الله » المراد بذلك ما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
« يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يُخسف بأولهم، وآخرهم، قالت: قلت يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم » رواه البخاري ومسلم ..
فإن من علامات ظهور المهدي أنه إذا بايعه الناس و قبل بيعتهم و تولى أمر الأمة ، تحرك جيش لقتاله وهو حينئذ بمكة المكرمة ، فيخسف الله عز جلاله بهذا الجيش الذي يريد غزو الكعبة وقتال المهدي ..
فالظاهر من مجموع هذه النصوص أن هناك خلافة تسبق المهدي و تكون توطئة وتمهيدا لوجوده و الله أعلم ...

كتبه / أبو زياد النحوي

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة